مرة ثانية ، نؤكد أن بريطانيا وليس غيرها ، هي حليفنا الإستراتيجي الأجنبي الأقرب والأدرى بشؤوننا وشؤون المنطقة بأسرها ، فهي من أسست لوجود " إسرائيل " ، ( وعد بلفور ) ، وهي من قسمت بلادنا لدول بالتشارك مع فرنسا ( سايكس بيكو ) ، وهي من كنا تحت أنتدابها قبل الإستقلال ، وهي من أسهمت في تأسيس دولتنا وجيشنا ، وهي الأكثر دراية بأنماط تفكيرنا وبمصالحنا الحيوية وهي منبع السياسة الدولية حيال منطقتنا كافة ، فإن كانت أميركا تملك آلة الحرب فبريطانيا تملك آلة السياسة ، وهي الأكثر عمقا وبعدا عن التخلي عمن يحالفها على عكس غيرها ! .


صحيح ، بريطانيا ليست ملاكا ، لكن عمقها التاريخي وجذورها الممتدة في شرقنا العربي كله ، جعلت منها الدولة الاقدر على مقاربة الحكمة في سياستها الخارجية حيال قضايانا مهما تبدلت ظروفها ، وهي بالضرورة الأكثر حرصا على سلامة دولتنا ولو من منظور أخلاقي يعي جيدا أنها كانت سببا مباشرا في وجود الكيان الذي يتمدد اليوم بفعل سياسات هواة لا صلة لهم تذكر بتاريخنا وتاريخ منطقتنا ، ويعتقدون وبمنتهى السطحية أننا مجرد حجارة شطرنج يمكنهم تحريكها في أي إتجاه وبما لا ينطوي على ذرة من مصالحنا المصيرية خدمة للكيان الغاصب .

أعرف أن كثيرين يختلفون معي في ما أذهب إليه ، لكنني أعرف في المقابل أن الأردن اليوم بأمس حاجة ألى حليف إستراتيجي أجنبي قوي ، ولست أرى هذا الحليف إلا في بريطانيا التي تصحو ضمائر ساسة عتاقى فيها اليوم أمام ما نواجه من عنت هواة يريدون إقتلاعنا من جذورنا نحن والفلسطينيين خدمة للمشروع الصهيوني ومخططاته عبر ما يسمونه صفقة ! .


لن اطيل أكثر وسط فوضى إجتهادات المجتهدين السياسيين والمسيسين في بلدنا وعالمنا العربي المنكوب ، فقط أجزم أن من يبغي السلامة في هذا الزمن الدولي والإقليمي الأغبر ، يصنع خيرا بتنويع خياراته ، والأردن ليس إستثناء ، فلنجنح قليلا صوب روسيا ، وبوتين كما تقول الأحداث التي بين أيدينا لا يتخلى عن حلفائه كما يفعل غيره جهارا نهارا طالبا أثمانا مادية لخدماته ، اما بريطانيا ، فهي قبل غيرها حليفنا الأستراتيجي الأجنبي ، ليس وحدنا بل كثير غيرنا وبالذات الشعب الفلسطيني ، والسعودية الدولة والوطن هي حليفنا الإستراتيجي العربي الأول ومعها دول الخليج كافة . الله من وراء قصدي .