بعد ما تكرر نشره في الصحف وعلى المواقع الإلكترونية من حوادث اعتداء الطلبة على معلميهم في مختلف مناطق المملكة ومدارسها، وما يصل المحاكم من قضايا يقف المعلم فيها موقف المتهم أمام شكوى تقدم بها أحد طلبته، بدأت حديثا مع أبنائي عن أسباب اختلال العلاقة بين المعلم وطلبته وكيف كنا نتعامل مع المعلم في عهدنا وما كان يرويه لنا معلمونا عن هيبة المعلم واحترامه عندما كانوا طلابا مثلنا، ولتأكيد ما ذهبت إليه وسط استغراب الأبناء، اخترت شاهدا من صفحات في كتاب من إعداد وتحرير أستاذي الفاضل ومعلمي في مدرسة السلط الثانوية الدكتور محمد العطيات، بعنوان السلط تاريخ وشخصيات .
كانت تلك الصفحات بحثا في سيرة المعلم حسن البرقاوي قدمه معلم آخر أجله وأحترمه لما سمعته عنه من كرم أخلاق و تفان في العمل أيام كان معلما لصفوف الفرع الأدبي في نفس مدرستي قبل أن أعرفه عن قرب بعد أن التقيته في دولة الإمارات العربية المتحدة معارا من وزارة التربية والتعليم الأردنية خلال فترة عملي هناك بعد تخرجي من الجامعة، لنلتقي بعدها ثانية متنافسين على خدمة مدينتنا السلط لدى التقائنا مرشحين لرئاسة البلدية في نفس الدورة ليصبح إثرها رئيسا للبلدية ولتستمر بيننا علاقة ودية سامية لا يزعجه منها، أمام تواضعه الجم، سوى إصراري على الوقوف أمامه وقفة الطالب لمعلمه برغم كل تلك العشرة وما اشتعل برأسي من الشيب، ذلك هو المعلم هاني خريسات .
من جملة ما قرأته في ذلك البحث ما جاء على لسان صاحبه من أنه التقى أستاذه البرقاوي صدفة عام 1960 في مدينة نابلس فما كان منه إلا أن قبل يده أمام المارة ومجموعة من أقاربه كانوا بمعيته، ليسر البرقاوي أيما سرور ويقول (مثل هذا هم ثروتي وثرائي) .
أما وفاء وتقدير باقي طلبته وحفظهم لمقامه فقد أورد الباحث ما لا يتسع المقام لذكره هنا، وأكتفي بسرد حادثتين منفصلتين أولاهما عندما ذهب البرقاوي إلى دار رئاسة الوزراء محتجا على إحالته للتقاعد وكان مجلس الوزراء منعقدا برئاسة المرحوم هزاع المجالي أحد طلابه الذي ما أن سمع بقدومه حتى أصر على دخوله لمكان انعقاد الجلسة وإجلاسه مكانه وأمر بإعادته للخدمة . والثانية عندما ذهب البرقاوي إلى القيادة العامة للجيش العربي قاصدا حابس المجالي أحد طلابه أيضا لتجنيد أحد أبنائه، فما كان من حابس إلا أن أمر بإعداد حرس الشرف وأداء التحية العسكرية على أنغام الموسيقى في استقبال ضيفه الكبير .