انها سياسة الاسترضاء فلا تتعجبوا
فهد الخيطان
12-11-2009 03:34 AM
** الاحتجاج على تركيبة مجالس الامناء نتيجة طبيعية لغياب اسس العدالة
ارتفعت في الايام الاخيرة اصوات عديدة تنتقد تشكيلة مجالس امناء الجامعات الرسمية لا لأسباب اكاديمية, وانما لانها استثنت ابناء عشائر ومناطق معينة من التشكيلة. فقد عبر نواب عن احتجاجهم وبعثوا برسائل الى رئيس الوزراء يستنكرون عدم تعيين اكاديميين من ابناء مناطقهم وقواعدهم الانتخابية في عضوية تلك المجالس.
في السنوات الاخيرة كان هذا النوع من الاحتجاج يبرز عند تشكيل الحكومات و"توزيع" المناصب العليا في الدولة, وقد واجهت حكومة عدنان بدران ازمة مع مجلس النواب بعد ما تبين ان تشكيلتها تخلو من وزراء من محافظات الجنوب مما استدعى تعديلا وزاريا عاجلا لاحتواء حالة الغضب. غير ان الظاهرة اخذت في الاتساع مؤخرا, وصار التمثيل المناطقي او الجهوي هو المعيار الذي يحدد الموقف من مختلف الهيئات والتعيينات الحكومية. وفي كل مناسبة يلتقي فيها مسؤول في الدولة مع مواطنين من خارج العاصمة تحديدا يخرج من بين الحضور من يحتج على استثناء ابناء المنطقة من تعيينات الفئة العليا في الدولة كما يشكل هذا "الهم" بندا دائما على اجندة النواب وخطاباتهم تحت القبة عند مناقشة البيان الحكومي او مشروع قانون الموازنة.
لا نستطيع ان نلوم من اعترضوا على استثناء ابناء عشائرهم ومناطقهم من تشكيلة مجالس الامناء او غيرها من المناصب الحكومية, ففي غياب معايير عادلة وفرص متساوية تصبح المحاصصة ملاذ المظلومين والمستبعدين.
والمسؤول عن ذلك بالطبع هي الدولة التي استبدلت اسس الكفاءة والخبرة والجدارة بسياسة الاسترضاء والتنفيع في التعيينات وليس غريبا ان يصل الداء الى مؤسسات التعليم العالي الذي يفترض ان تظل فوق الاعتبارات السائدة ولا يحكم عملها سوى معايير مهنية بحت فقد غامر السياسيون بسمعة هذه المؤسسات وزجوا بها في لعبة المصالح والتنفيع, ويعرف القاصي والداني ان تعيين رؤساء الجامعات في السنوات الاخيرة يتم بالوساطة ووفق مصالح واجندات شخصية وانسحب الاسلوب على مجمل الحياة الاكاديمية في تغييب متعمد للاسس والمعايير العلمية في الترقية وتعيين قيادات الصف الاول.
ان الانطباع العام لدى الغالبية العظمى من المواطنين بأن الوساطة والمحسوبية هي الطريق الوحيد للوصول الى الموقع العام, وهذا الانطباع لم يأت من فراغ وانما جاء استنادا الى سلوك تنتهجه الدولة ولم يعد يقتصر على التعيين في الوظائف بل طال المنتخبين سواء في البرلمان او البلديات ولهذا فقد الناس الثقة بالخطاب المعلن للدولة والشعارات المرفوعة عن المساواة في الفرص والعدالة في توزيع مكتسبات التنمية, وساد شعور عند الناس بأن من لا سند له في الدولة لن يحصل على حقه في المنافسة على الوظيفة او في الخدمات لمنطقته. فالمناصب تورث وتوزع كهدايا احيانا, ويشهد على ذلك كل تشكيل رسمي ابتداء من الحكومة وحتى اصغر هيئة في الدولة.
ولذلك لم يعد مستغربا ان نسمع اصوات المحتجين لعدم تمثيل عشائرهم ومحافظاتهم بعد ان اصبحت سياسة الاسترضاء والمحاصصة هي السائدة في البلاد.
fahed.khitan@alarabalyawm.net