هل يعقل ان نهاية ازمة المعلمين المدارة من قبل حكومة الدكتور عمر الرازاز التي تملكها الكبر افضت الى ان هذا القطاع الوطني الهام اصبح وهو يضم في جنباته نحو مئة الف معلم فجأة خارجين عن القانون.
ومن يتحمل مسؤولية التلاعب بالوطن في مرحلة حرجة يتعرض فيها الاردن الى محاولات تفتيت من الداخل، واضعاف للصف الوطني، وبما يترافق مع ضغوط خارجية قاهرة تمس بسيادته وامنه الوطني، وحقوق ابنائه، ومستقبل الدولة الاردنية فيما يعرف بصفقة القرن التي تطرق الابواب.
وهل تفرح الحكومة بهذه النتيجة الفادحة، وهي التي ظلت تنتقل بالازمة من منعطف الى اخر لانعدام القدرة لديها على ادارة الازمات، وقد اوصلت الوطن الى صيغة من صيغ العجز، ومست بسوء تعاطيها مع اضراب المعلمين - الناجم عن ازمة معيشية خانقة هي من تسبب بها - بسمعة، وهيبة النظام السياسي.
وهل كانت بقفزها عن مبدأ العلاوة الخاصة بالمعلمين والاستعاضة عن ذلك باقرار زيادة على الراتب للمعلم ستنجو من حقوق باقي موظفي الدولة الذين يصبحون مستحقين لزيادة مماثلة في دولة لا يليق ان تفرق بين سائر موظفيها.
لقد اخطأت الحكومة بالتفافها على مبدأ العلاوة الخاصة بالمعلمين الى اقرار زيادة على الراتب لانها بذلك تفتح باب المطالبة المحقة لبقية موظفي الدولة بالزيادة نفسها، وكان بامكانها الابقاء على القضية في دائرة المعلمين في حال لو تعاملت مع مبدأ العلاوة التي طالبت فيها النقابة لعدة سنوات.
غير ان الاخفاق الكبير يبقى حليف حكومة تستند في اداء اعمالها الدستورية على اغلبية وزارية موزعة ما بين وزراء الصورة الاعلامية ، ووزراء التأزيم، ووزراء الفشل ، وقلة من الوزراء هم من يستحقون ان يحملوا اللقب ، وكانت محصلة سنوات من الحكم ان تراكمت القضايا الاعتيادية ، وتحولت الى ازمات حادة تصب في المحصلة في ازمة وطن يستحق منا اكثر.
وانا اظن ان تصليب الداخل الاردني هو اولوية وطنية اليوم للتفرغ لمواجهة حجم الضغوط الخارجية التي يعانيها الاردن جراء تنكر حلفائه له وذلك على خلفية سوء ادارة ملف العلاقات الخارجية للاردن والذي اضعف البلد الذي ظل لعقود محوريا في المنطقة العربية، واحد مراكزها الفعالة.
ولذلك فيجب حماية الاردن من المراهقة السياسية، واخلاء الساحة المحلية من عوامل التفجير، وعقلية التأزيم، والذهاب الى انفراج في الاوضاع الداخلية من خلال اجراء تغييرات حقيقية في جوهر عملية الحكم، والتوقف عن ايلاء المسؤوليات الوطنية الجسام الى صبيان السياسية، ولا بد من اعادة الاعتبار للمنصب الحكومي بحيث يتولاه الاكثر نضجا وتميزا وعطاءا وتقديرا للمسؤولية ووقوفاً على حقيقة الموقف الوطني السليم.