هل الضريبة تقتل الضريبة !!
د. عادل محمد القطاونة
29-09-2019 12:48 AM
أصبحت الضرائب بمسمياتها وأنواعها عاموداً في تغطية المصروف الجاري والرأسمالي وأساساً في البناء الوطني؛ مع انفتاحِ السوق العالمي وتطورِ الفكر الاقتصادي والتجاري؛ بزيادةِ التعامل الإلكتروني واتساعِ فجوة التهرب الضريبي؛ في ظل تداخلِ الطلب الوظيفي بين المحلي والأجنبي وتزايدِ العبء المعيشي وتناقص المردود المادي، اصبحَ واجباً على الحكوماتِ ان تعيدَ النظر في سياساتها الضريبية وتشريعاتها المالية، وصولاً إلى استثمارات محلية وعالمية، ضرائب منطقية وموضوعية!!
يتفقُ جميع الاقتصاديين على ان الضريبة ركنٌ أساسي في الإصلاح الاقتصاديْ، ولكنهم يتفقون أيضاً على ان زيادة الضرائب قد يكون لها سوء العواقب! فمعدلات النمو الاقتصادي والإنتاج المحلي؛ جذب الإستثمار الأجنبي والمحلي؛ الهيكل الاجتماعي للمواطن العادي؛ الإطار التعليمي والصحي؛ الواقع السكني والمردود المالي.
بعضٌ من العوامل الهيكلية التي تتطلب دراسة جذرية للبحث في متغيراتها وابعادها، حيثياتها وتأثيراتها قبل اتخاذ التعديل الضريبي !!
على الرغمِ من التعديلات الجذرية في القوانين الضريبية واستحداثِ الحكومة لبعض المواد الجدلية والأنظمة الفرعية؛ الا ان النتائج التحصيلية كانت عكسية، فتغيرت الأنماط الاستهلاكية للمستهلك وتبدلت الأفكار الإنتاجية للمنتج؛ انخفضت القوة الشرائية وازدادت الأعباء المعيشية؛ فكانت النتائج منطقية في انخفاض التحصيلات الضريبية!
ان اصرار البعض على تقديم الفكر التقليدي في الإصلاح الاقتصادي والمالي، الضريبي والاجتماعي بناء على بيانات ناقصة او إحصاءات راكدة ومتغيرات متناقضة بات اليوم مثاراً للجدل. كما ان تقديم الإعفاءات دون مبررات، وإنزال العقوبات دون مقدمات وتعديل المعدلات دون تأكيدات ساهم في زيادة الفجوة الضريبية.
لقد قدمت دول مثل إيرلندا وسنغافورة وغيرها من الدول خلال العقد المنصرم انموذجاً حقيقياً في الفكر الضريبي الريادي الاستثنائي القائم على عدالة النظام الاجتماعي الضريبي التكاملي، الذي يوازن ما بين الاستحقاقات والواجبات، وما بين الموجودات والمطلوبات، ما بين الإعفاءات والعقوبات وما بين الفقراء والأغنياء؛ وصولاً لنظام ضريبي شامل وعادل يؤدي للالتزام بالدفع ويعطي مقابل ذلك الاهتمام بالدافع؛ نظام يوجه النفقات والاستثناءات بشكلٍ دقيق ويحرك الإيرادات والاستثمارات بشكلٍ رشيق.