ما أجمل أن تكون القلوب نظيفة طاهرة، لا يشوبها حقد أو غل، فبصفاء القلب ونقائه يستطيع المرء أن يعيش حياة سعيدة راضية لا ينقم على أحد، لأن سريرته صافية كصفاء الماء العذب، فما معنى أن يكون الانسان يحمل في صدره ضغينة وهو انسان، فالإنسانية تتجلى في أسمى معانيها، حينما لا تحمل القلوب والصدور أي سوء للاخرين.
فإن صفى القلب، انفتح المرء على حياته بكل تفاؤل وأمل، وبات أصحاب القلوب السوداء ينظرون بعين منكسرة متخفية بقناع الطيبة والخير، فالقلب الذي يحمل الكره والشر، ليس بمقدوره أن يقدم شيئا لا لنفسه ولا لأسرته ولا حتى لمجتمعه، فهو يحمل حملا ثقيلا يقاسي صدره من ذاك العبء الثقيل، كأنه يتوسل إليه أن يرحمه!! فالقلب يشقى بالحقد والكره ولن يتمكن من الخلاص منه، ما لم يفكر الانسان بعقله جيدا، وأزاح عن عينيه غشاوة الوسواس والهواجس، فإذا ما طهر صدره من السواد المسيطر عليه ردحا من الزمن، أصبح انسانا اخر متفاعلا مع مجتمعه.
وعلى النقيض من ذلك، يأتي الانسان ذو القلب الطاهر النقي، والذي لا يأخذ موقفا من الاخرين لمجرد اختلاف رأي أو وجهات نظر، بل يراها بعين المتعقل المتفهم لتباين الاراء بين الناس، فهو يحصن قلبه من أي شائبة قد تشوبه لأنها تصيبه بالعطب، يأخذ الناس بمنطق التقارب لا التصارع، له وسائله المشروعة في الحفاظ على صفاء قلبه، يبدع في التعامل مع أبناء مجتمعه، لأن غايته بناء مجتمع يعيش أفراده بكل حب وسلام وأمن.
فالانسان الذي ابتلي بقلب مشتت مريض لا يعرف للخير مكان، تتفرق به الطرق إلى أماكن مجهولة يشعر معها بوحشة وانعزالية، ليعيش حالة من الضياع والتردد والأناة، لا ينقذه منها سوى تنقية قلبه ونزع أي سوء داخل صدره، وذلك عن طريق حسن الظن بالناس، أما الانسان ذو القلب النقي يعيش أسعد أيام حياته يشعر بالرضى والقناعة، فقلبه عامر بحب وطنه وأهله ومجتمعه، فهو الفائز في نهاية المطاف لأن قلبه هداه إلى الطريق الصحيح، أما الخاسر فهو مريض القلب لأنه تائه تتنازعه الأهواء، ليس باستطاعته تقديم أي شيء للاخرين، بل بالعكس حجرة عثرة أمام نجاح الاخرين وعقبة كؤود في الاتجاه الإصلاح والتقدم لأفراد مجتمعه ونفسه قبل كل شيء، إلا إذا استجمع قواه وعزم على التخلص من كل هذه الشرور في صدره، ويعالج نفسه منها لأنه مريض في نهاية الأمر ويحتاج للعلاج.