كثير من الناس من يمارسون سلوكيات خاطئة تضر بسلامة المجتمع من خلال فهمهم الخاطئ لحقوقهم كأن يصرحوا لأنفسهم ان يفعلوا ما يشاءوا بنصيبهم مما يملكون من اشياء او من حقوق يزعمون أنها لهم ، واضعين مصلحتهم الشخصية فوق كل اعتبار .

و لعل اجمل تصوير لهذه الفئة من الناس ما ورد في الحديث النبوي الشريف عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم ، حينما شبههم بقوم كانوا يستقلون سفينة في البحر ، و اقترع الجميع على تقاسم المكان من السفينة فكانت القسمة بينهم ان فئة من القوم يستقرون في الجزء الاعلى و فئة أخرى يستقرون في الجزء الاسفل ، و كان المقيمون في الاسفل اذا أرادوا أن يأخذوا حاجتهم من ماء البحر ، يحتاجون الى أن يصعدوا إلى الجزء العلوي ، ورأوا انهم و حتى لا يزعجون الاشخاص الذين في الجزء العلوي بكثره صعودهم أن يحدثوا خرقا (ثقبا) في جسم السفينة في الجزء المخصص لهم و يستقوا الماء مباشرة ، و هنا يكون الخطر الكبير فإن تركهم الذين اصابوا أعلى السفينة ليفعلوا ما يريدون دخل عليهم الماء و غرقوا جميعا .

عن النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ، قال: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة؛ فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقَوا من الماء مرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا» .

فهل من الحكمة ترك الذين يدعون انهم يمارسون حقهم في اتخاذ الوسائل و الأساليب التي تناسبهم بشكل أناني دون شعور بحقوق الآخرين ممن يشاركونهم العيش المشترك أن يستمروا في نهجهم ؟

ان الإجابة على هذا السؤال يعرفها كل عاقل و مقدر لمصلحة المجتمع ، فلا بد من الجميع الاستقامة في السلوك و تجنب الأخطاء التي تضر بالآخرين و العمل بإخلاص دون غش و التخلص من الأنانية و المصالح الشخصية و العمل بروح الفريق الواحد بحيث يلتقي الجميع على المصلحة العامة للمجتمع ، مما سيرفع من سوية المجتمع و يحقق له حياة أفضل ، و ان ندرك أن حدود كل منا تتوقف عندما تضر بحقوق الآخرين ، و ان منع المخطئ من استمرار خطئه فيه نجاة للجميع من سوء النتائج ، وهذا الفهم و الإدراك ما سيحقق لسفينة المجتمع مسارا آمنا وسط الأمواج و يوصلها إلى بر الأمان و النجاة