بينما يواجه معسكر الإعتدال إِسْتِغْلاقاً وتَعَسّراً وشَظَفٌا، تمضي الطريق بأعداء السلام ودعاة القتل خَافِضَةً هَيِّنَة، ولكأنهم قدرنا الذي لا فَرَار منه.
رغم خسارته في الانتخابات، يُكلّف زعيم حزب الليكود بتشكيل الحكومة. اللعب بيّن وجليّ. لا حظوظ للمعتدلين ولا تأتي على رغباتهم حكومة إئتلاف.
مخطىءٌ من ظن أن لليكود 23 مقعدا وحسب. باستطاعته أن يحصد 55 من مقاعد الفائزين.
إنها العقيدة الواحدة في الهدف والتخطيط، وإن اختلف التشكيل، فلن تختلف الرؤية، ولن تتبعثر الأهداف.
خمسة وخمسون مقعدا، هي طريقه للحكومة ولتنفيذ الوعود. لا أحد سيهتم على العموم بهذه النتائج المثيرة. نحن مشغولون تماما بقضايا أَجَلُّ، ولا وقت لدينا لهوامش الحديث عن الفكرة القاتلة والتنفيذ الخبيث. تغنينا القضايا الكبيرة، ويكفينا طقس التخفّي مؤونة التفكير والقلق.
في الحقيقة لا أحد يقلق. ثمة معارك صغيرة ندفع لذخيرتها ذخيرتنا، ولأسلحتها مالنا ونفطنا. ونحن قانعون بالمصير وبأنخاب النصر الزائفة.
ستمضي المخططات لغايتها المرسومة، بكل وسائل تنفيذها، وسنكون جزءاً من هذا التنفيذ، سواء منّا من أبى أو من وافق، وسيكون منّا حينذاك، شعراء تفعيلة، يتغنّون بماضٍ مجيد، وبقضية مركزية، وبمواقف خالدة، لم تجد من شدّة خلودها مكاناً، سوى اسطبلات الخيول المتعبة.
الناس في العواصم في كَلاَلةٍ ونَصَبْ، تنهكهم المآزق الصغيرة والدكتاتوريات البغيضة، وتقتلهم مشاريع الوحدة المستحيلة وهموم الرزق ومَشَقَّة العيش، تحبطهم مآلات أحلامهم، ويتمنون من جديد أن يسمعوا صوت الجواهري وحروفه في يافا:
ولمّا طبَّقَ الأرَجُ الثنايا … وفُتِّح مِنْ جِنانِ الخُلدِ باب.
ولاحَ ” اللُّدُّ ” مُنبسِطاً عليهِ … مِن الزَهَراتِ يانِعةً خِضاب.
نظْرتُ بمُقلةٍ غطَّى عليها … مِن الدمعِ الضليلِ بها حِجاب.
وقلتُ وما أُحيرُ سوى عِتابٍ … ولستُ بعارفٍ لِمَنِ العتاب.
أحقَّاً بينَنا اختلَفَتْ حُدودٌ … وما اختَلفَ الطريقُ ولا التراب.
ولا افترقَتْ وجوهٌ عن وجوهٍ … ولا الضّادُ الفصيحُ ولا الكِتاب.