عرب الداخل .. انقلاب أيدلوجي
د. عبدالله صوالحة
24-09-2019 10:09 PM
استطلاع صادم تم نشره الأسبوع الماضي حول رغبة المواطنين العرب في اسرائيل بالانضمام الى الحكومة الاسرائيلية ، فحسب الاستطلاع الذي اجرته جامعة ميريلاند بالتعاون مع الواشنطن بوست تبين ان 73% من المواطنين العرب في اسرائيل يدعمون انضمام الأحزاب العربية الى الحكومة الاسرائيلية ,وهو ما كان يعتبر من المحرمات والمحظورات قبل سنوات ، وبحسب الاستطلاع ايضا فان 63% من المواطنين العرب قالوا انهم سيصوتون للأحزاب العربية ( القائمة المشتركة ) بينما سيصوت ال37% الى أحزاب ذات أغلبية يهودية مع مرشحين عرب في مراتب آمنة نسبيا ، حسب النسب التالية : 15% لحزب ازرق ابيض ، 10% لحزب ميرتس، 4% لحزب الليكود ، 1% لحزب العمل .
التحول الدراماتيكي في موقف الفلسطينين العرب في إسرائيل لم تعكسه فقط نتائج الاستطلاع المذكور ، بل تكرس بشكل عملي هذا الاسبوع عندما أوصت القائمة العربية المشتركة بالجنرال بني جانتس كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة الاسرائيلية ، هذه التوصية تعتبر حدثا تاريخيا تأسيسيا ومثير جدا ، بحيث اصبح الهدف من المشاركة السياسية للمواطنين العرب ليس فقط إثبات وجودهم والحفاظ على تمثيلهم بل ايضا استعدادهم للاندماج والتأثير في الحياة السياسية ولعب دور مركزي في صياغة شكل الدولة والتخلي عن النمط الكلاسيكي في التعامل مع دولة إسرائيل .
المؤشر الثالث على هذا التحول هو ما نقرأه في المقال الذي نشره ايمن عودة رئيس القائمة العربية المشتركة في صحيفة نيويورك تايمز هذا الاسبوع والذي قال فيه بالنيابة عن الأحزاب العربية : سنكون حجر الزاوية في الديمقراطية الاسرائيلية ، توصيتنا بالجنرال جانتس كرئيس للحكومة هي رسالة واضحة بأن المستقبل الوحيد لهذه الدولة ( اسرائيل ) هو المستقبل المشترك ، التعاون بين العرب واليهود هو الطريق إلى مستقبل أفضل لكل الأطراف ، وسنواصل عملنا نحو مستقبل افضل ، وسنواصل نضالنا من اجل الحقوق المدنية ، هناك مكان كاف لكل منا في وطننا المشترك .
المؤشر الرابع هو ما أفرزته نتائج انتخابات السلطات المحلية ( البلديات) حيث أن المرشحين الذين حملوا اجندات مدنية وخدماتية تغلبوا على أولئك المرشحين الذين تبنوا خطابات قومية ، المواطن العربي اصبح اكثرا انشغالا بالقضايا الحياتية اليومية, والذي يزور البلدات العربية في اسرائيل يستطيع ان يسمع نقاشا مختلفا عما يدور داخل الوسط العربي عن ذلك الذي يقدمه الإعلام لنا كشعوب ودول مجاورة .
المشاكل التي يعاني منها الوسط العربي كبيرة وكثيرة وأصبح من الصعب على القادة السياسيين للمجتمع العربي تجاهلها وإدارة ظهرهم لها بحجة الانشغال بالقضايا القومية الكبيرة والنضال الوطني الفلسطيني ، وهناك دعوات انطلقت في الوسط العربي بضرورة تشكيل احزاب عربية هدفها الانضمام الى الحكومات الاسرائيلية او ان تكون مركبا رئيسيا في الائتلاف الحكومي .
التحول في الموقف السياسي للمواطنين العرب في إسرائيل انتجته المعاناة اليومية والمستمرة لطبقة من السكان تشعر بعدم المساواة في الحقوق السياسية والمدنية اضافة الى التهميش والشعور بعدم القدرة على المنافسة مع نظرائهم اليهود , وما يحتاجه المواطنين العرب من قادتهم هو سد الفجوات بين الوسط العربي والوسط اليهودي في مجالات مثل التعليم وسوق العمل وخدمات النقل والصحة والتعليم , مكافحة الجريمة ,العنف ضد المرأة , حوادث الطرق , المخدرات والسلاح, توسيع المخططات الهيكلية للبناء في البلدات العربية , زيادة المخصصات المالية , الادماج في سوق العمل والحصول على فرص اقتصادية متساوية.
Mutaz876@gmail.com