أي حراك واحتجاج قطاعي وشعبي يجدر النظر اليه بجدية. معلمون وعمال وموظفون حكوميون، ومهندسون واطباء والخ، قطاعات وقوى ومجموعات سياسية واجتماعية ومدنية تتحرك للضغط على الحكومة من أجل كسب حقوق مشروعة، ووضع أخرى على جدول الاعمال، وفي إطار اجتماعي عام يقوم على تهديد اقتصادي يواجه فئات اجتماعية واسعة.
القاعدة المطلبية تؤسس على مفاهيم وقيم سياسية بالأول. كيف تمارس حقك في المطالبة والاعتراض والرفض على سياسات الحكومة. في التاريخ الاردني حيوية وفاعلية شديدة للقوى المجتمعية والقطاعية في حراكها الاحتجاجي المطلبي، وفي المقابل فان الدولة ومن بيده القرار يملكون مخزونا من السياسة والحكمة والرشد في التعامل مع النزاعات المطلبية.
التصورات والحلول بأي أزمة مطلبية تبقى متعددة، ونحن نعايش اليوم ازمة اضراب المعلمين.المطالب تقفز الى الاعلى وأعلى السقوف، ومن ثم تنحني الى الادنى عندما تصل الى طاولة الحوار والتفاوض.
والاهم باي نزاع الحوار وافساح المجال أمام الكل يبدي آراءه وطرحه بما يساهم باعادة تدوير الافكار.
الدولة تتقدم بالحوار، وما يراعى تثبيت قيم سياسية وطنية، وتعاقد اجتماعي مبني على أسس العدالة الاجتماعية والمصالح العامة الوطنية.
التجاهل يعني زيادة التأزيم وتفريخ أزمات جانبية، توليد ضغينة وعداء بين الافراد والمجتمع والسلطة. وشيطنة أي عمل احتجاجي لربما به احجاف، ولا يصب في المصلحة العامة.
كل مواطن وكل قطاع وصاحب مظلمة، وما يقود الى تحقيقها هو الحوار، والحوار يمر بمراحل بين الشد والشد العكسي، والرخاوة والليونة بمعناها السياسي، وهي ادوات واقعية لاحداث أي تغيير، وللوصول الى مكاسب مشروعة، وهي أدوات لتغيير السياسات العامة، وتصحيح مسارها وابعادها عن مسارها العقيم والخارج والمنحرف عن الصواب .
و أكرر بان الحوار هو الأهم. المجتمع لا يحيا الا بالحوار. والكتل الاجتماعية لا تتحول الى منتجة وفاعلة الا بالحوار، والحوار هو المدخل لتوسيع دائرة الحركة في المجال العام.
و لربما أن الحوار يفرز الخطابات السياسية الملعونة والسوداء والبغيضة والمريضة والجهوية والفئوية والفوقية والطبقية ، ويرميها وراءه. وما يرجى بحث عن مشتركات واطار مدنية اجتماعية متقدمة. حوار يعني استيعاب للاخر، ويعني تقويما نقديا دائما، ويعني حيوية وخصوبة في روح المجتمع وخياله وعقله.
الكثير الكثير يمكن أن يحكى عن الحوار، ولكن ما أملكه هنا وأدعمه وأقوله بان يكون الحوار هو مفتاح تفكيرها في اي ازمة طارئة. وان لا نعيش باوهام وخيالات مضللة وواهمة، بما لا يفوق طاقة الجميع من محتجين ومن بيدهم القرار.
الدستور