المسؤول الضعيف خطرعلى البلاد والعباد
سميح المعايطة
09-11-2009 03:49 AM
كل ما تابعه الناس أمس، ونتمنى ان ينتهي سريعا، من ردة فعل اهل الطفيلة في عمان على وفاة ابنهم ليس حادثة منفصلة، لكنها قصة ضمن سلسلة من الأحداث من الطيبة في الكرك إلى عجلون إلى غيرها من المحطات التي تجعلنا نرفع الصوت عاليا أن هناك مشكلة في قدرات الإدارة الحكومية بكل تفاصيلها على فهم الناس ومنع تحول القضايا العادية إلى أزمات اجتماعية وأمنية وحديث للإعلام.
قصة "صادم" ابن الطفيلة مرت عليها أسابيع منذ أن دخل العناية المركزة، وكان يمكن لو توافرت الرؤية السليمة والإدارة الحكيمة أن يتم احتواؤها، لكنها مثل ما سبقها من أحداث تحولت من أمور قابلة للاحتواء إلى أزمات. ويبدو أن العطوة الأمنية التي أخذها الأمن العام لقيت نقدا من البعض، لهذا تجمد الحل حتى جاءت ساعة وفاة المواطن لتتحول القضية إلى حدث أمني يسرق الاهتمام من الداخل والخارج.
الشرطة قد تؤدي أغراضا أمنية، لكن الإدارة السياسية تعني العقل والحكمة والخبرة، وإعطاء الناس حقوقها، وتعني معاقبة المخطئ، وامتصاص الغضب، وتعني الحزم، وتعني إلقاء الكلمة في مكانها، وتعني الرجال الذين يعرفون لغة المجتمع ويتعاملون معه، ولهم احترام ومصداقية لدى الاردنيين.
وبعيدا عن الجوانب الأمنية والتفاصيل الميدانية، فإن ما جرى أمس (وقبل ذلك) دليل ضعف سياسي، فهيبة الدولة ليست محددة برجل شرطة، بل تصنعها الحكمة والخبرة والرأي الراجح والتدخل في وقته، وهذا ما نفتقده في العديد من المحطات.
لو أن القضايا تحل في وقتها وتعطى الاهتمام وتجد الرأي السديد لما وصلت إلى اعتصام في عمان من أهل قرية في الجنوب طلباً للماء، ولما أصبح خبر إغلاق شوارع وتكسير محال خبرا عاديا ومتكررا منذ عدة شهور.
وبصوت مرتفع نعلن ان هنالك ثغرة كبرى، وأن هنالك ضعفا في إدارة الجهات المعنية في الحكومة وغيرها للأمور الداخلية، مع أنها أحداث يمكن أن تبقى في حجمها.
ونعلن أن ناقوس الخطر يجب أن يدق معلنا أن الصمت على هذه القدرات المتواضعة لم يعد مقبولا، لأن ثمنه كبير ميدانيا وسياسيا وعلى المدى البعيد..
ما جرى في قضية ابن الطفيلة يجب أن يكون صوتاً يصل إلى كل صاحب فعل، يكفينا هذا المستوى الضعيف من المسؤولين في العديد من المواقع المفصلية، التي تترك آثارها على البلد وأهله وصورته.
لا يجوز ان نسمح، تحت أي ظرف، أن تتحول الدولة إلى خصم لأحد من عامة الناس، وأن يكون لأردني ثأر شخصي عندها عبر موت آخر.
لا يجوز، أيضاً، أن يكون رجال الشرطة في المستشفيات مصابين أو موتى في مواجهات مع مواطنين، والمسؤول الذي تتم في عهده مثل هذه الممارسات لم يعد صالحا للبقاء على كرسيه مهما كان موقعه.
عندما تكون الحكومة، عبر اي جهة فيها هي الخصم، ثم تتوج هذا الأمر بضعف في إدارة اي مشكلة، فعليها أن تفكر في حقها بالاستمرار.
"سيخ شاورما" في الحكومة السابقة أطاح بوزير، فكيف بمشكلات تكبر لأن الحكومة عاجزة عن حلها، فماذا يتبقى، إذن والحالة هذه، من مبررات وجودها؟
sameeh.almaitah@alghad.jo
سميح المعايطة