لا تستغربوا ما يحدث في حي الطفايلة
فهد الخيطان
09-11-2009 02:20 AM
** المشكلة ليست امنية وانما سياسية بامتياز
الصور من حي الطفايلة تفند الادعاءات الرسمية, فما نشهده ليس تضخيما من طرف وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية, وانما مشاهد حية مرعبة لظاهرة العنف الاجتماعي التي تتنامى وتتسع دائرتها لتشمل مناطق المملكة كافة.
مبعث القلق ليس ما حصل للمرحوم صادم السعودي من تعذيب في مركز امني ادى الى وفاته فمثل هذه التجاوزات على حقوق الانسان تحصل في دول عديدة وهي بلا شك مدانة ويستحق مرتكبوها اشد العقوبات, وانما حالة العداء وفقدان الثقة بين الناس والاجهزة الحكومية التي سرعان ما تطفو على السطح مع وقوع كل حادث امني وتتجلى على شكل مواجهات وصدامات عنيفة يتجه فيها المواطنون لتخريب الممتلكات العامة وتحطيم المؤسسات الرسمية وكأنهم فيما يفعلون يبعثون برسالة احتجاج تتجاوز في دلالاتها حدود الواقعة الامنية.
لم تتوقف مؤسسات الدولة ومطابخها السياسية والامنية عند دلالات هذه الظاهرة وكانت وما زالت تعتقد ان الحلول الامنية هي وحدها الكفيلة باحتواء حالات الشغب والعنف لكنها لم تسأل نفسها ولو مرة واحدة: ماذا علينا ان نفعل بعد انسحاب قوات الدرك من الموقع.
لم يكن اتساع نطاق العنف مؤشرا على ضعف الاجهزة الامنية فهي الاكثر احتراما وقدرة في المنطقة وتحصل باستمرار على كامل احتياجاتها والتجهيزات اللازمة للقيام بواجباتها لا بل ان الدولة استحدثت جهازا جديداً لمكافحة الشغب هو قوات الدرك.
المشكلة ليست امنية اذا, وان كانت هناك اختلالات في اداء الاجهزة تستدعي معالجة فورية, لكن ذلك لن يكون كافيا. جوهر المشكلة يكمن في اتساع الفجوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع وتآكل هيبة الدولة في نظر المواطنين. لم يحدث هذا الامر في ليلة وضحاها, وانما كان محصلة سياسات واساليب ادارة خاطئة انتهجتها الدولة على مدار سنوات بحيث افرغت العلاقة بين طرفي المعادلة من مضمونها, فتراجعت سلطة القانون لحساب اشد الروابط بدائية ورجعية وفسادا.
لم يعد المواطن مستعدا لاحترام القانون ما دام منتهكا من طرف الدولة ولم تعد الممتلكات العامة للعامة فعلا ما ان اصبحت مهمة الدولة هي الجباية فقط بعد ان تخلت عن دورها الاقتصادي والاجتماعي, وفرضت على المجتمع طبقة من اصحاب النفوذ يحكمون بدلا من السياسيين وممثلي الشعب, وحتى هؤلاء صار بالامكان تصنيعهم وتشكيلهم وفق أهواء ومصالح ضيقة.
من لا يثق بمؤسساته لن يحترمها مهما اوتيت هذه المؤسسات من قوة وجبروت. وما دمنا على هذه الحال فلا تستغربوا ما يحدث في حي الطفايلة.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net