شعب يعيش بجوار جهنم ويبقى حياً
المخرج فضل يانس
21-09-2019 12:02 PM
أن الشعب الذي يبقى حياً بعد أن تداولته قوى الظلم من اليهود والصهيونية وغيرها، الشعب الذي داسته سنابل الأجيال وتوالدت عليه مصاعب الدهور، الشعب الذي أكل خبزاً معجوناً بالسم وشرب الماء ممزوجاً بالعلقم الشعب الذي يعيش بجوار جهنم ويبقى حياً لهو من الشعوب الجديرة بالاحترام والأعجاب فإذا لم يكن للفلسطينيين فضيلة سوى تغلبهم على الفناء الأبدي فذلك وحده كاف لاستدعاء بعض الفخر.
نحن نستطيع أن ننتصب أمام أمم الأرض ونرفع رؤوسنا متفوقين ومبدعين، نحن الذين عشنا في جوف الثعبان الإسرائيلي ولم نزل في قيد الحياة ورغماً عن العصبية الجزئية التي أودعها الاحتلال الإسرائيلي ارواحنا رغماً عن العبودية العقلية التي ولدها الاحتلال في ادمغتنا رغماً عن الاعوجاج والشك والخوف وكل تلك الأمراض والعاهات التي اوجدها الاحتلال في كياننا رغماً عن هذه الأمور التي ورثناها بالتطعيم والتلقيح فنحن ناجحون تجارياً وفينا مجاعة إلى العلوم والفنون والصنائع وقد قام بيننا عدد ليس بالقليل من العلماء والمفكرين والأدباء والأحرار.
أما الأن فنحن في زمن يتصارع فيه الحق والباطل والحق لن يُصرع، نحن في زمن يتغالب فيه العدل والظلم والعدل لن يُغلب، نحن في زمن يتسابق فيه الحكم المطلق والحكم النيابي فكره وضعية خالدة لن تزول ولن تقهر، نحن في زمن عظيم هائل مضرج بالدماء ولن تقهر ولكنه مغمور بنور الله، ففي هذا الزمن الجليل بأهواله الهائل بجلاله سنعطي لأول مرة في تاريخنا حق الخروج من تلك الحرية المتداعية لكي نبني لنا بيتاً جديداً مؤسساً على الصخر، سوف نعطي على رؤوس السيوف المقدسة رسم البناء الذي يجب علينا أن نرفعه فوق دعائم الحقوق والواجبات والأماني البشرية.
أما بناء بيتنا الجديد فيستلزم السواعد القوية والأفكار المبدعة الصائبة ويستلزم الشجاعة والأريحية ويستلزم الصدق والاخلاص فوق كل شيء يستلزم التضحية، وهل يوجد بيننا من يستطيع أن يبقى على وفاق ضميره بدون تضحية شيء عزيز في سبيل الجديد؟
وهل يوجد بيننا من لا يستطيع أن يقدم حجراً أو رفثاً من الطين؟ وهل يوجد بيننا من يستطيع أن يقول ليس البيت بيتي ولا الديار دياري؟ وهل بيننا من لا يحن إلى تلك الأرض التي أنبتتنا رجالاً ونساءاً؟ وهل يوجد بيننا من لا يريد أن يعود ليعيش بحرية وسلامة وطمأنينة بين تلك الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً؟ إذا كان بيننا من نسيَّ أو تناسى إذا كان بيننا من يهز رأسه قائلاً لا دخل لي ولا غرض لأن البشري الحقيقي هو الذي ينصر الحق على الباطل في كل حاله ويساعد العدل على الظلم ويشارك الحرية بإفناء العبودية في كل أمة.
أن أخطر ما سيواجه إسرائيل (نفسها) وذلك من حكم الأقدار حيث سيذوب ذلك التمثال الليكودي يوماً ما وسوف نسكن في بيتنا الجديد أن شاء الله ومن منا لا يريد أن يقول لأبنه أو حفيده بعد عشر أو عشرين سنه أنا قد وضعت حجراً في هذا البناء، أنا قد ساعدت في رفع تلك الأعمدة، أنا واحد من الذين جبلوا الكلس بقطرات دمه وعرق جبينه. من منا لا يريد أن يرفع رأسه أمام الأرض والسماء ويقول مفتخراً الوطن وطني وسيبقى ارثاً ثميناً لمن يأتي بعدي.