عاقب الفلسطينيون قياداتهم الحزبية والبرلمانية في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، في دورة انتخابات البرلمان الإسرائيلي الواحد والعشرين يوم 9/4/2019، بحجب أكثر من مائة الف صوت عربي، لم يخرجوا ولم يصلوا إلى صناديق الاقتراع، رداً على انقسام القائمة المشتركة إلى قائمتين بدلاً من قائمة كما كان الحال في انتخابات 17/3/2015 للبرلمان العشرين.
وعاد الفلسطينيون، وخرجوا نحو صناديق الاقتراع كما فعلوا في الدورة العشرين، وكما وصفهم نتنياهو مثل الدبابير، ورداً على تحريضه العنصري ضد العرب، عاد المقاطعون وشاركوا وصوتوا للقائمة المشتركة يوم 17/9/2019 لدورة البرلمان الثاني والعشرين، بعد أن أعاد الأحزاب العربية الوحدة لصفوفهم، واستعادوا ثقة جمهورهم، واستفادت قياداتهم من تجربتهم الانقسامية المُرة، وتوافقوا واتفقوا واستعادوا ما سبق وأن فقدوه بسبب بعض الأنانيين الذين توهموا أنهم وحدهم دون الائتلاف ودون الوحدة يمكن أن يفرضوا حضورهم، فوجه لهم الجمهور لطمة سياسية، كاد من خلالها تحالف الحركة الإسلامية مع التجمع الوطني أن يفقدوا موقعهم في البرلمان وأن لا يحصلوا على نسبة الحسم، مثلما استعاد صاحب الحركة العربية للتغيير وأدرك أنه بدون التحالف مع طرف لا يملك أي إمكانية للعودة للبرلمان.
تجربة مُرة مر بها الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48، ولكنهم نالوا درساً مفيداً أعطتهم النتيجة أن طريق الانتصار والحضور وثقة الجمهور لا تتم بدون الوحدة والتفاهم والقواسم المشتركة أمام أغلبية إسرائيلية مازالت بعيدة عن الديمقراطية والمساواة والإيمان بالعدالة، فالطاغي لدى قيادات الأحزاب الصهيونية هو : 1 – العداء للمساواة في مناطق 48، 2 – العداء للتسوية والسلام والانسحاب من مناطق 67، 3 – العداء المطلق لحق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948.
نتنياهو أعاد التحالف برئاسته وشكل كتلة برلمانية للمثلث السياسي المكون من : 1 – اليمين، 2 – اليمين المتطرف، 3- الاتجاه الديني اليهودي المتشدد، ولكنه لا يملك التفوق اعتماداً على هذه الكتلة التي تقل عن 61 صوتاً لتشكيل الحكومة، وهو يحتاج إما لحزب الجنرالات أزرق أبيض برئاسة بيني غانتس، أو لحزب إسرائيل بيتنا برئاسة ليبرمان، وطبعاً لن يلجأ للكتلة العربية، ولذلك ستبقى كتلته عرجاء غير قادرة للوصول إلى استلام الحكومة.
نتنياهو لا يحتاج فقط لحزب إضافي حتى يكون قادراً على تشكيل الحكومة، بل يحتاج لحزب يوافق ويقبل بشرط التصويت لصالحه في البرلمان لتشريع قانون يوفر له الحصانة من المحاكمة المنتظرة أمامه يوم 3/11/2019 في الاستدعاء والاستماع لأقواله كمتهم من قبل النائب العام، ولذلك ما زالت محاولاته عبثية ومكشوفة ومفهومة في تشكيل الكتلة البرلمانية برئاسته، ولكنها لن تعطيه القوة رغم أهميتها لتشكيل الحكومة، فالذي فعله ليبرمان في دورة انتخابات 9/4/2019 أنه رفض التحالف معه واضطر نتنياهو للذهاب إلى الانتخابات مرة أخرى، وها هو يفشل في هذا الخيار، فلا هو حصل على مكانة الحزب الأول، ولا هو حصل على كتلة برلمانية تتجاوز عددها نصف البرلمان زائد واحد، وسيبقى يدور في حلقة متعبة له ولحلفائه حتى يكون ما لم يكن في الحسبان وهو انحياز وقبول حزب آخر له يقبل برئاسته للحكومة ويحميه من تُهم الفساد ومن الذهاب إلى السجن الأكيد.
الدستور