الرئيس لا يريد حربا مع إيران
ماهر ابو طير
19-09-2019 11:38 PM
تستفيد الولايات المتحدة الأميركية، مما تفعله طهران في المنطقة، وهي ان كانت تعاديها وتحاربها، الا انها أيضا تستفيد مما تتسبب به إيران في العالم العربي.
الرئيس الأميركي يقول يوم امس ان هناك عدة خيارات ضد إيران، قبيل الحرب، وان الحرب هي آخر الخيارات، وهي خيار وارد، لكن الذي لا يقوله الرئيس الأميركي، علنا، يتعلق بسياسات بلاده في ابتزاز المنطقة ماليا وعسكريا، عبر إبقاء الخطر الإيراني، فوق المنطقة، من اجل مزيد من صفقات الأسلحة، ومزيد من المال.
لو زال الخطر الإيراني، فلا سبب يساعد إدارة بلاده على ابتزاز العالم العربي، وهكذا توظف واشنطن الخطر الإيراني، من اجل خزينتها المالية الخاوية، خصوصا، ان الامر حتى الآن يبدو مقبولا، مالم يتم تهديد إسرائيل، اذ للمفارقة تفرد إيران عضلاتها وصواريخها على العرب، فيدفع العرب المال لواشنطن، وهي المستفيد فقط، فيما إسرائيل لها حسبتها الخاصة، وهي حسبة اكثر حساسية، ولها قانونها الخاص.
لو كانت الولايات المتحدة تريد تحجيم إيران، أساسا، لما سمحت لها بالتمدد في العراق، العام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين، لكن لا بد من الاعتراف ان احد اسرار السياسات الأميركية في المنطقة، قائمة على تدمير المنطقة العربية والإسلامية، ودب الفوضى فيها، واثارة الحروب، والسيطرة على الثروات، وتحريض أبناء المذاهب على بعضهم البعض، وهذا نراه منذ العام 2003، وحتى يومنا هذا، عبر سياسات هدم كل المنطقة العربية الإسلامية، والخروج فقط بمرابح هذه السياسات.
النقطة الثانية المهمة هنا، ان الولايات المتحدة، غير قادرة حاليا على الرد على إيران، برغم ان طهران عبر جماعاتها، تهدد دول الخليج العربي، والملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر، وتطل برأسها عبر سورية وفلسطين ولبنان، على الاحتلال الإسرائيلي، وتدرك واشنطن جيدا ان المارد الذي تركته ليكبر، لا يمكن صده ولا هزيمته اليوم، لكن يمكن توظيفه لإخافة المنطقة.
أي ضربة أميركية ضد إيران، قد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، في ظل وجود تعقيدات أيضا، على صلة بالروس والصينيين وتركيا وبقية الدول العربية، وقد تلجأ إلى ضربة بشراكة عربية أميركية، ضد جماعة الحشد الشعبي في العراق، وقواعدها، وقد سبق ان تم توجيه ضربات، ضد هذه القواعد، وهذا يعني ان تكتيك واشنطن سيعتمد على اللجوء إلى الأطراف المحسوبة على إيران، والأكثر هشاشة، وليس توجيه ضربة إلى إيران ذاتها، في سياقات التحوط من نشوب حرب، وفي سياقات رغبة واشنطن بإدارة الازمة مع إيران، وليس انهاء الازمة، من اجل الحصول على فوائد هذه الازمة، عبر ابتزاز العالم العربي.
أغلب الظن ان المنطقة امام احتمالين، اما مواصلة لعبة عض الأصابع، بين كل الأطراف، حتى يصل الكل إلى مرحلة، يتم فيها التفاوض على النفوذ، أي تقاسم النفوذ بين إيران ومحورها، وإسرائيل ومحورها، وبحيث يتم ترسيم هذا النفوذ، بقبول أميركي واوروبي وروسي، على الصعيد الجيوسياسي، والتبعية، والثروات، والماء، والمذهبية السياسية، ولحظتها سوف تصير قصة التخصيب الإيراني والصواريخ البالستية، مجرد تغطية شكلية للمفاوضات السرية الاصلية بين إيران وبقية الأطراف، وإما ستسعى كل الأطراف إلى تجنب الحرب، كونها مكلفة على الجميع، ونارها ممتدة، لكن اذا انفجرت فسوف تحرق الأخضر واليابس، وقد تؤدي إلى تسوية سياسية لاحقا، على أساس إعادة ترسيم النفوذ أيضا.
واشنطن تلعب لعبة خطيرة في المنطقة، اشعلت النار بين كل الأطراف، وهي الاطفائي على ما يفترض، وتريد سرقة المنطقة، وهي لعبة محفوفة بالخطر، ولا احد يضمن سير خطها، ولا اتجاهاتها، لكن المؤكد اننا جميعا عرب هذه المنطقة، ندفع الثمن في كل الأحوال.
الغد