لا شك أن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والذي تنادي به كل دول العالم ما كان إلا من أجل التعايش بين شعوب الأرض وعدم دخولها الى حلبة الحروب المدمرة . وبالرغم من انه مبدأ جميل وهدفه سامٍ الا ان بعض الدول تخترقه ولا تلتزم به !! وهذا الاختراق إنما يتم لأسباب توسعية وليس لأهداف إنسانية .
والرغبة في التوسع لم تعد لدى الدول الكبرى فقط ، بل كل دولة ترى نفسها كبيرة تجاه الدول الصغيرة القريبة منها . ولعل إيران اليوم هي المثال على ذلك . فقد نادى خميني بتصدير الثورة من اول يوم وصل فيه الى السلطة !! وهي ثورة تمزج بين المذهبية والعرقية بنكهة خاصة . وبالرغم من توقف ايران عن ذكر " تصدير الثورة " الا انها لم تتوقف يوما" عن ذلك ، فراحت تجند وتدرب وتعقد الصفقات وتهدد الذين تراهم عقبة أمامها بطرق مختلفة . وها نحن نرى ثمار جهد السلطة الإيرانية في لبنان واليمن وفلسطين وسوريا والعراق وغيرها من دول العالم . لقد شكلت سلطة ايران مخالبها في المنطقة على حساب الدول العربية المحتقرة في نظر ايران ولا بد من ازالتها .
ان المنطقة لم تستقر منذ مجيئ الصهاينة وسلطة ايران ، وكأن الاستعمار الغربي قد أوجد بديله المزعج والمؤرق والمستنزف لطاقات المنطقة وهويتها ووحدتها في غاب تام من السلطات العربية التي تفكر في السيطرة على أوضاعها الداخلية دون أن تفكر في ردع الذين يعبثون بها من الخارج !! إن الشعوب العربية قد استقبلت سلطة خميني عام 1979 بارتياح وتأييد نكاية بعميل الغرب شاه ايران ، لكن العرب اكتشفوا اليوم أنهم كانوا عاطفيين وغير واعين للعبة الأمم ، فالعملية كلها تبديل رموز لتتناسب مع المرحلة ، فقد وجد الغرب والصهيونية العالمية أن قسمة المسلمين الى سنة وشيعة هي ورقة رابحة لأنها تصنع انشقاقا" عموديا" لا يخرج منه المسلمون لعقود طويلة ، وقد كنا نتمنى أن ينتصر الوعي السياسي الايراني العربي لا ان تصبح ايران وبعض الدول العربية مخلبا" للمستعمر لنحر الأمة ! ان الواعين سياسيا" متأكدون ان لا مستقبل لإيران بهذه السياسة التدميرية ، واذا تحدثنا بلغة المذاهب فلا يمكن ان يسيطر مذهب الأقلية على مذهب الأكثرية ، واذا تحدثنا بلغة السياسة العالمية فلا يمكن ان تقبل الدول الكبرى تمدد ايران ولكنهم يستخدمونها لتخويف دول النفط لتقوم الأخيرة بشراء أمنها من ترمب صاحب الصفقات وحالب المليارات .
لا مستقبل للنظام الايراني بهذه الطريقة وكل ما نريده من ايران ان تلتفت لشعبها وتبني قوتها لصالح أرضها لا ان تمارس علينا ما مارسته الدول الاستعمارية فالاستعمار كله استعمار سواء كان براية بريطانية او فرنسية او امريكية أو ايرانية ، واذا لم تلتفت ايران لذلك فعلى العرب المعاملة بالمثل.