لا تحدث الحلول للأزمات في ظل اختلاطها بالغضب، واليوم لدينا غضب أكثر من الحلول، ولدينا ردود فعل وليس مخارج للأزمات، وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر بل يعقد الاوضاع المحلية ويؤزمها.
في كل الأزمات نجد أن غضب الناس ينصب على الحكومات، والحكومات تحاول امتصاص ما تستطيع، وعادة ما يكون عامل الزمن سبباً في ذلك، وقد تكون الازمات سبباً في حل بعضها البعض.
قدرة المجتمع وقوته لا تظهر إلا بالأزمات، واليوم نحن نتكشف أن هذا الدور ضعيف، وغير قادر على التعبير عن نفسه بما يجب، وهو أمر له علاقة بطبيعة البنى المجتمعية وادوار النخب وتحولاتها وانكشافها امام الناس.
في الراهن اليومي، تحدث تخطيات لأبسط قواعد إدارة النزاعات، التي هي إدارة علمية في الأساس، لكنها لا تصلح عندنا بشكل يجعل منها خيار بدائلياً، وهو امر مناط بالمجتمع وصناع التغيير.
القرارات التي تتخذها الحكومات عادة ما تواجه بالغضب، والردود عليها لا تكون إلا مؤسسية من خلال برامج الأحزاب والمؤسسات الوسيطة مع الناس، ولان هذا مفقود عندنا فلذلك يحدث الفراغ ويبدأ التعبير في الشارع، فيراكم ذلك فجوة الحوار والنقاش الذي يمكن أن يسهم في الحلول.
غياب الأحزاب الفاعلة وغياب النخب القادرة على ممارسة ادوارها الوطنية في التوقيت الصحيح هو من أهم أسباب الغضب، وهذا ما يجعل الفرد في مواجهة الدولة فيقع خلال مواجهته بالخطأ، وهنا تكون النتائج سلبية على الجميع.
وفي النزاع المتعدد الاطراف بمثل حالة اضراب المعلمين اليوم، ثمة أطراف عدة، الحكومة والمجتمع والمعلمون والطلاب، وهذا التعدد في الأطراف ينبغي له أن يكون سبيلا للرشد والتعقل، لا أن يكون محركا للتشنج والابتعاد عن العقل والغضب وكسر الإرادات.
في الشارع اليوم غضب مبيت وهو يمتد عرضيا، والغضب لا يحل بغضب مقابل، وعادة ما يكون فقدان الثقة سبباً في اتساع رقعة الخلاف، ولكي نستعيد الثقة لا بد من الجلوس معاً، نقابة وحكومة والوصول لتوافقات وطنية تقود إلى وفاق واتفاق على قضايا أساسية اولها كرامة المعلم والتعهد بالسعي الحكومي لحياة كريمة لكل موظفي القطاع العام وتطبيق القانون في حل الخلافات ومحاسبة متخطي القانون.
الدستور