الأجواء ملبدة بغيوم داكنة والرسامون يرسمون لوحات سوداء، موشحة ببصيص شاحب خافت من الضوء وبنقط بيضاء لا تكاد ترى ، وثمة دعوات حادة صارخة إلى مغادرة المركب فهو يوشك على الغرق،والعازفون - ولا أقول كل العازفين - يعزفون ألحانا جنائزية حزينة ، وما أن يتوقف الصداحون والنواحون قليلا، حتى نكتشف أنهم يشيعون وهما، وأنهم يشبعون لطما ونواحا في جنازة موهومة افتراضية، هي جنازة لا أحد!!! وقد صرنا في حال صعب، نتلمس طريقنا كما يتلمس الكفيف الهواء والفراغ الذي أمامه، نبحث عن التماعة ضوء في هذا الظلام الدامس،وعن جرعة أكسجين في هذا (الطوز ) الخانق ، وعن لحن رائق يخفف من توترنا في غمرة هذه التعبئة التي تستهدف أعصابنا الوطنية وإيماننا ببلدنا،وعن كلمة طيبة غير مثبطة تحمل شيئا من التفاؤل والأمل في جو من التشاؤم والسلبية والتطير والفزع.ئئ لقد تم جرنا ووضعنا في جو من اليأس والشك وزعزعة اليقين وانعدام الثقة، حتى أننا غفلنا ونسينا وتجاهلنا، أن لنا كأسا ،وان هذا الكأس سليم غير مكسور ولا هو مشعور ولا هو مخدوش حتى ، وأن لكأسنا نصفا آخر مملوءا بالماء الزلال القراح!!! فورش البناء والإنتاج ومكائن التصنيع ما تزال تدور في طول البلد وعرضها وفي الأفق مشاريع وطنية عملاقة كبرى موزعة على مختلف أرجاء مملكتنا الغالية بكلفة تبلغ عشرات المليارات من الدنانير تفتح الباب لتشغيل واستيعاب عشرات الآلاف من أبنائنا وبناتنا.ئئ هل نتحدث عن البرنامج النووي الأردني للأغراض السلمية وخاصة توليد الكهرباء خلال تسع سنوات وتحلية المياه والاستخدامات الطبية بكلفة 15-20 مليار دولار، وهل نذكر بأن تصدير التكنولوجيا النووية إلى الأردن هو مؤشر دعم سياسي؟ فذلك البرنامج يعتمد على ثروة خام اليورانيوم الأردني التجارية التي تقدر بنحو 70 ألف طن والمتميزة بان كلفة استخلاصها قليلة والبرنامج سيوفر استقرارا في إمدادات الطاقة وتوليد الكهرباء بكميات كبيرة وبسعر ارخص وسيشكل حالة اقتصادية وعلمية وعقلية وتقنية وبيئية وارتقاء بالاقتصاد العلمي وسيوفر في مرحلة بناء محطاته من 3-4 آلاف فرصة عمل علاوة على ما سيوفره من فرص عمل في مشاريع بناء مناجم تعدين اليورانيوم ولاحقا في تلك المناجم وفي قطاع النقل والشحن وغيرها من الخدمات. ونتحدث عن مشروع تطوير حقل الريشة الغازي ونشير إلى الاتفاقية مع شركة النفط البريطانية التي ستنفذ على مرحلتين الأولى بكلفة 237 مليون دولار والثانية بكلفة 8-10 مليار دولار.

أما احتياطي الصخر الزيتي الذي يزيد على 42 مليار طن ويحتوي 4 مليارات طن نفط ، فسيدخل كأحد بدائل مصادر الطاقة ليساهم بما نسبته 11% في الطاقة عام 1015. ونتحدث عن الجهد الوطني المضني في مشاريع قطاع المياه الإستراتيجية وخاصة مشروعي جر مياه الديسي وقناة البحرين بكلفة تقدر ب 10-12 مليار دولار لتوفير كميات المياه التي تدفع عن بلدنا شبح الظمأ و(السغب المائي) فترة تزيد على سبع سنوات،علاوة على الآثار البيئية الايجابية الضخمة على بلدنا جراء إنقاذ البحر الميت من اليباس والانحسار. وسنشير إلى مشاريع النقل والشبكة الوطنية للسكك الحديدية بكلفة 5 مليارات دولار وبمسافة 1100 كيلومتر ستزيد من روابط الأردن الداخلية وروابطه القومية والاقتصادية والثقافية مع مصر وسوريا وتركيا والعراق والسعودية وستجعل من الأردن مركزا إقليميا لوجستيا علاوة على دور هذه الشبكة في حل مشكلات السير وأزمات المرور وإيجاد نظام نقل يحافظ على البيئة ويقلل من التلوث ومن حوادث الطرق.وكذلك توسعة مطار الملكة علياء الدولي بكلفة مليار دولار ووضع حل نهائي للطريق المؤدية إلى المطار ومنه. ونشير إلى المشاريع العقارية والسياحية الكبرى والكثيرة التي تقام في بلدنا ومنها ما اصبح واقعا وحقيقة على الأرض و ستكون انعكاساتها على السياحة ضخمة جدا وحاجتها إلى العمالة الفنية الماهرة بشكل خاص والعمالة عامة هي حاجة كبيرة جدا. الأجواء في بلدنا مهيأة للمزيد. وبلدنا بخير، فلا احد ينكر الأزمات ولكن،لا احد ينهار تحت أقدامها

الراي.