لم يعد هنالك حاجة لأن نؤكد على نعمة الأمن والاستقرار التي يعيشها الأردن من خلال قدرات أجهزته الأمنية ووعي أبنائه ومساره السياسي المعتدل، فهذه من القضايا التي يلمسها الاردنيون وزوار الأردن وليست قضية يمكن إخفاء نقيضها أو ادعاء وجودها لأنها مثل الشمس واضحة ولو كان الأمر غير ذلك لما كان بإمكان أحد أن يدعي وجود هذه النعمة الكبيرة.
لكن الطريف تلك الاحتفالية الإعلامية والسياسية التي مارستها جهات رسمية عديدة وبرامج إعلامية في الإذاعات والتلفزيون والصحف عن تقرير قيل إنه صدر عن الأمم العام للمتحدة يضع الأردن في المرتبة الرابعة عشرة بين دول العالم في قدرته على توفير الأمن والاستقرار لمواطنيه وزواره، ثم نكتشف أن هناك بيانا عن جهات في الأمم المتحدة تنفي وجود مثل هذا التقرير وأنه لم يكن هنالك لجنة من الأمم المتحدة زارت دول العالم ومنها الأردن لإعداد مثل هذا التقرير.
والطريف أن بعض الجهات الرسمية تحدثت في سياق الفرح عن زيارة تمت في بداية العام الحالي وبعضها قال إنها زيارة سرية، وشاهد الناس برامج موسعة في التلفزيون الأردني وإذاعات رسمية عن التقرير.
مضمون التقرير الوهمي صحيح فالأردن بلد آمن مطمئن لكن كيف ننخدع جميعا وبخاصة الجهات الرسمية بتقرير وهمي غير حقيقي وهل لدى وزارة الخارجية قدرة على التحقق من التقارير الأممية وهل قامت بالتحقق أم أننا فرحنا بالرقم فتعاملنا مع الأمر وكأنه حقيقة لاغبار عليها! وكيف أصدر الوزراء تصريحات مرحبة وانتشرت السعادة فى كل الجهات الرسمية وهي لاتملك التقرير ولم تقرأه او كانت قرأت تقريرا مزورا؟!
ما جرى يثبت كم هي المهنية السياسية عند الجهات الرسمية وأنها تتعامل مع الأمور "عن غيب"، فحتى لو كانت صحيفة او أي وسيلة إعلام قد نشرت خبرا غير صحيح، فهل الإعلام فقط هو مصدر الحكومة في إعلان مواقف من قبل وزراء وجهاتأم أنها تملك قنوات لتلقي هذه التقارير الرسمية ودراستها قبل أن نعلن الأفراح ونكتشف بعد نفي الأمم المتحدة أننا وقعنا في خطأ سياسي وإعلامي وأننا تورطنا في عرس وطني بناء على تقرير وهمي وغير صحيح.
لا نطلب البراءة للإعلام، فالخطأ مردود على أي جهة لكن الحكومة كان عليها ان تبحث عن التقرير وتتأكد من أخبار الصحف قبل أن نقيم الأفراح والليالي الملاح ونظهر بعد ذلك ضحايا لأخبار غير سليمة. مع التأكيد مرة أخرى أن أمن الاردن واستقراره ليسا محل شك، وعدم وجود تقرير لا يعني أن مضمونه غير سليم فنحن ننعم بأمن كبير له أسباب سياسية وأمنية واجتماعية.
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد ..