في الوقت الذي ينفذ فيه مئات الأسرى الفلسطينيين إضرابا عن الطعام، يمارس العالم إضرابا عن الإدراك، وإضرابا آخر عن الكرامة، فيما يمارس الكيان الصهيوني كعادته حصارا للفهم.
وإذا كانت وسائل الإعلام العربية والمحلية انشغلت بهمومها الخاصة وبانتخاباتها وبمعارك ذاتية، آخذة بالتصاعد فان صوت معركة الأمعاء الخاوية ستبقى تحاصرنا، وتعيد ضمائرنا إلى الحصار الذاتي.
الأمعاء الخاوية معركة غير متكافئة بين طاغية اسقط كل ما يمت للإنسانية بصلة من حساباته، وبين شباب ربطوا أنفسهم بمعني عميق لحب الحياة، فهم يسعون الى تعليم العالم اليوم وغدا أن حريتهم وكرامتهم اقوى من اي طغيان، ويكتبون بمداد من ذهب إن الحرية يمكن لها أن تنمو وتتطور داخل أقبية السجون والمعتقلات.
صور وأجندات خاصة ينفذها هؤلاء الأبطال خلف قضبانهم الحديدية، تبدو للبعض عبثية ولآخرين خرقا للطبيعة البشرية ولكنها بالنسبة لهم، أشبه بممارسة يومية لفن الكرامة التي يجيدها ابطال فلسطين نيابة عن امتهم المشغولة بحروبها الفارغة من أي مضمون، وبمعارك الانساب بين داحسها وغبرائها.
يصف أحد الكتاب المقهورين ما يقوم به الأسرى (بأنهم هم من اشهّروا جوعهم وأمعاءهم في الزنازين هم الذين صاموا عن الذل كي يفطروا على العزّة ؟ لكن من صدقوا ان الانسان يعيش بالخبز وحده تحولت لغتهم الفصحى الى ثغاء وفقدوا اعز ما يملك ابن ادم وهو الوعي بحريته اولا، ثم البحث عن سبل استحقاقها).
معركة السجون ورغم انها غير متكافئة، ولا يمكن تصنيفها الا في اطار الصراع بين الظالم والمظلوم، الا ان غيابها او تغييبها عن وسائل الاعلام لم يعد ممكنا حتى من باب المهنية الصحفية ومن بان الانحياز الى الحرية التي تعني الكثير لمهنة الصحافة وتشكل رمزها مصدر قوتها.
من يعتقد ان الأسرى في زنازين الاحتلال لا يملكون ارادتهم يضع نفسهه خانة الغباء السياسي والاخلاقي، فقد كانت تلك السجون وما زالت اكاديمة متقدمة للثوار والمجاهدين تخرج منها عشرات الاف السياسين والمناضلين. وتدار فيها ارقى الحوارات السياسية والفكرية.
ويقبع في سجون الإسرائيلية الاسرى الفلسطينيين، موزعين على 22 سجنا داخل الأراضي المحتلة تابعة لمصلحة السجون، ومعسكري اعتقال في الضفة الغربية المحتلة تابعة للجيش مباشرة، ومن ضمن هذا العدد توجد 62 أسيرة، بينهن 14 فتاة دون سن 18، وثلاثمئة طفل وفتى دون سن 18 عاما.
ويتوزع الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية في عدد من السجون، وأهمها سجن النقب وسجن مجدو، وسجن نفحة، معتقل أوهلي كيدار، ومعتقل إيشل، وعزل الرملة (أيالون)، ومستشفى سجن الرملة، وسجن هداريم، وسجن شطة، وسجن جلبوع، وسجن الشارون، وسجن نفي ترستيا، وسجن الدامون.