رئيس الحكومة كل شيء لكل الناس
د. فهد الفانك
07-11-2009 03:27 AM
لم يعد الرأي العام الأردني يحمـل رئيس الحكومة مسؤولية عدم سقوط الأمطار في فصل الشتاء كما كان يفعل قبل نصف قرن عندما اتهم المرحوم سمير الرفاعي بأن سنة سمير لا قمح ولا شعير، أي قحط.
لكن الرأي العام الأردني ما زال يضع الحكومة في موقع الأب الجبار، القادر على كل شـيء، والمسؤول عن عائلتـه، أو الراعي المسـؤول عن رعيته، وهو يطالب الحكومة بتحقيق المعجزات مثل منع الأسعار من الارتفاع.
مطلوب من الحكومة أن تقـدم المزيد من الخـدمات العامة، وأن تلبي المزيد من المبادرات المكلفة، وأن ترفـع دخول العاملين والمواطنين، وفي الوقت نفسـه أن تخفض النفقات العامة، وتقلـص العجز في الموازنة، ولا تسـمح للمديونية بالارتفاع.
المشكلة أن الحكومة تحاول فعلا أن تكون كل هذا، وهي لا تتردد في التعهد به، ومع ذلك فإن أحد استطلاعات الرأي يقول أن 82% من المواطنين الأردنيين لا يثقون بحكومتهم، و92% لا يثقون ببرلمانهم. ومن حسن الحظ أن القائمين على الاسـتطلاع لم يسألوا عن معدل الثقـة بالقضاء، أو أنهم سألوا ولكنهم قرروا عدم نشـر الجواب.
رئيس الحكومة الأردنية يجب أن يكون سـوبر مان، يجترح المعجزات، وأن يكون في الوقت ذاته يمينيا ليرضي المعتدلين ويسـاريا ليرضي المتطرفين، وأن يدعم المنتـج والمستهلك، وأن ينحاز إلى الفقراء والمستثمرين، وأن يراعي مصالح المالكين والمستأجرين، وأن يتوسع في الإعفاءات ويزيد الإيرادات، باختصار أن يمتلك عصا سحرية، وأن يكون كل شيء لكل الناس في كل الأوقات. بالرغم من صعـوبة هذا الموقع، فإن العشـرات يسعون إليه، ومئات على اسـتعداد لقبوله إذا فوجئوا بالتكليف، وآلاف يزحفـون لتهنئة الرئيس الجديد الذي سيحقق المعجزات ويقـدم بيانا وزاريا لا يختلف كثيـرا عن بيانات من سـبقوه، باعتبار أن النية متوفـرة، ولكن الإمكانيات محدودة فاليد قصيرة والعين بصـيرة، أما المطالب الشـعبية التي تهبط على الرئيس كالمطر فالجواب عليها جاهـز وهو الوعد بتحقيق الممكـن منها.
إذا لم يكن هـذا كافيا فإن الرئيس والحكومـة هما الجهة الوحيدة التي لا تتمتع بالحصـانة، ويستطيع من يشاء أن ينتقـدها بالحق أو بالباطل وهـو آمن.