كيلا يُعمّق مخلب القط جراحنا ..
د. نضال القطامين
16-09-2019 10:06 PM
لا تواجه عملية السلام مأزقا جديدا في إطار الوعد العنصري.
إنها لم تكن تواجه سوى مآزق متتالية وذرائع واهية ومسوّغات وَاهِنة متتالية، تُعْمِلُ في هيكلها تَآكُلاً بيّنا ونحتاً عميقاً، حتى إذا استوت الوثبة القاتلة للعصبة المحتلّة، اغتنموها، فأجهزوا على ما بقي لنا من حقوق ودفاعات ينحسر مدّها شيئا فشيئا.
لا يمكن تصنيف ردود فعل العالم على الوعود الأخيرة لزعيم حزب الليكود، سوى أن هذا العالم الذي ملأ الدنيا ضجيجا بتسخير قدراته العسكرية والسياسية لمنح الشعوب المضطهدة ديمقراطية وتحرراً، لا يمكنه الآن رفع عينيه في وجه سلطة مستبدّة زيّفت التاريخ وحرّفته بل وأعادت كتابته وفق مبادئها التي رسمها لها عتاة الساسة؛ أولئك الذين يملكون المال ويستأثرون بالإعلام ويستحوذون على القرار.
لا تكفي ردود الفعل الخجولة التي ظهرت هنا وهناك. إن ما يؤلم حقّاً، هو هذا الصمت المريب للعالم إزاء إعلان انتخابي متطرف سيعيد على الأقل، من حيث لا يحتسب العالم، قضية الشرق الأوسط المركزية للواجهة بعد أن غيّبتها حراكات الربيع.
على الذين يفكّرون بعمق في آثار هذا الإعلان المدمّرة، أن لا تقف تحليلاتهم عند انتهاكات الشرعية الدولية. إنها تُنتهك منذ عقود دون أن يكون باستطاعة أحد وقفها.
على الناس أن يقرأوا ما وراء هذا الإعلان من أنَّ ضمّ هذه المناطق لدولة الإحتلال بمثابة نزعٍ للمدى الجغرافي الذي يربط الأردن بفلسطين، وقلب للحقائق على الأرض وفي التاريخ، ثم التفرّغ للتخطيط بهدوء وسلاسة، لأن يكون، ما يمكن تسميته كيانا فلسطينيا في أي صفقة أو ومفاوضات قادمة، ليس أكثر من أجزاء متناثرة لا يمكن أن تكون دولة على الإطلاق.
وحدهم من يرابطون على ثغور فلسطين من ترفع لهم القبّعات، وحدهم من يحملون عن كواهل العروبة عبء الكرامة الذي ناءت به ظهور الأعراب، وكلّت بحمله سواعدهم، ففترت الهمم ونكصت الدروب وضاعت أحلام الفتية في هشيم الموقف ومبتذل المبدأ وتقاعس الفكرة وإحجام الرؤية وغياب الهدف.
لا ينبغي أن يمرّ هذا الإعلان الغاشم دون إجراءات دولية، لا يمكن القبول بالصمت حياله، ولا يمكن للدول التي ألهتها حراكات الداخل أن تنفصل عن ثوبها القومي.
آن الآوان لوقفة مسؤولة، عربيا ودوليا، ترفض الإعلان غير الشرعي، وتقف في وجه تنفيذه.
هنا، أردنياً، يجب على الأقل، الإستعداد لمجابهة مخططات قادمة يمكن لرياحها أن تعصف بكل المتغيّرات، وعلى الناس ان يعلموا، أن ما كان يحاك سرّا في مؤتمر بال وسايكس بيكو، يُعاد استنساخه الآن في نموذج أكثر سوءاً وأعظم بلاء، وأن هذا النموذج في طريقه الآن ليكون على الملأ، وقد بات لازماً أن يخرج الناس من ثوب المعارك الجانبية، نحو الإستعداد لمعركة تستخدم أطرافها التي لا يجهلها أحد، حزباً متطرّفا كمخلب قط، وتتركه يلعب كيفما شاء ووقتما شاء.