نقابة المعلمين الاردنيين / ٣
اللواء المتقاعد مروان العمد
16-09-2019 12:44 PM
بعد الحادث المأساوي الذي اودى بحياة نقيب المعلمين احمد الحجايا وقبل الاعتصام الذي كانت تدعوا اليه النقابة من اجل اقرار علاوة للمعلمين مستندة لموافقة سابقة على هذه العلاوة غير موجودة في الحقيقة ولا اصل لها ، لها قفز الى صدارة المشهد نائب النقيب الدكتور ناصر النواصره عضو جماعة الاخوان المسلمين وحزب العمل الاسلامي الصقوري المتشدد والمثير للجدل ، والذي أستغل حادثة وفاة الحجايا ليلقي كلمة تأبين له كانت تنقط من بين احرفها كلمات تحريض وحشد للمعلمين للمشاركة بألإعتصام والذي اعلن ان سيكون موعده يوم الخميس القادم وبعد يومان من بداية العام الدراسي الجديد ، داعياً جميع اعضاء النقابة للمشاركة بهذا الاعتصام على اعتبار ان هذه المشاركة هي فرض واجب لا يعفى منه احد بجسده بإستثناء جسد النقيب الشهيد والذي ستحضر روحه لهذا الاعتصام مذكراً بجهاده وتضحياته في خدمة المعلمين ونقابتهم متجاهلا خلافه الواضح معه . كما انه لم ينسى ان ان يتحدث عن التضحية وحتى عن قطع الرقبة والاستشهاد في سبيل تحقيق هذا الهدف .
ثم قال ان الدوار الرابع لن يكون اسمه هكذا بعد اليوم ، وأن اسمه اصبح دوار الشهيد احمد الحجايا . ومع ان المرحوم الحجايا يستحق اطلاق اسمه على اهم ميادين وشوارع مدننا الاردنية فأن هذا ليس من حق ولا من صلاحية النواصره ان يفعل ذلك .
ولقد كان تحديد هذا اليوم وهذا الموقع للاعتصام يحمل في طياته الكثير من التحدي والاستفزاز . فقد كان بأمكانه الدعوة لهذا الاعتصام بيوم عطلة . او قبل بداية العام الدراسي .
ولقد كان بأمكانه ان يدعوا اعضاء النقابة للاعتصام كل في محافظته وكان بذلك سيضمن مشاركة اوسع واكبر حيث سيكون من الاسهل على المعلمين ان يشاركوا بهذا الاعتصام في مركز المحافظة الاقرب بالنسبة اليهم بدلاً من امضاء ساعات طويلة بالحضور الى عمان ومثلها عند الانصراف منها زيادة على وقت الاعتصام الذي حدده بثلاث ساعات وفي مكان لا تتوفير فيه خدمة دورات المياة لقضاء الحاجة الطبيعيةللمعتصمين .
ولكنه اختار ان يكون التجمع والاعتصام في مكان واحد وهو الدوار الرابع والذي كان النواصره يسعى الى جمع حوالي مائة وعشرين الفاً من اعضاء النقابة على الاقل في هذا المكان الحيوي والضيق وهو يعلم انه ومنذ تشكيل حكومة الرزاز بعد اعتصامات الدوار الرابع الرمضانية التي أسقطت حكومة الملقي لم يسمح باقامة اي اعتصام على هذا الدوار بالرغم من الحراك الجماهيري الذي دعى لاقامة اعتصامات ضد تعديل قانون الدخل وضد الرزاز نفسه على هذا الدوار .
وان وزارة الداخلية كانت في حينها قد حددت لهذه الإعتصامات مكاناً قريباً من الدوار الرابع ومقابل لمستشفى الاردن وفي ظل تواجد امني كثيف من مختلف الأجهزة الامنية والتي كانت تحول دوماً دون وصول المعتصمين الى داخل الدوار الرابع حتى لو تطلب الامر استخدام مقدار من العنف في سبيل تحقيق ذلك . وكان النواصره يعلم انه لن يتم السماح للمعتصمين بالوصول للدوار الرابع حتى لا يصبح هذا المكان الهام والحيوي محجاً لكل المعتصمين .
وكان يدرك ان اقامة الاعتصام هناك سوف يترتب عليه حصول بعض المناوشات ما بين اجهزة الامن والمعتصمين . ويبدوا انه كان يريد ذلك ويسعى اليه ولهذا فقد رفض المكان البديل للاعتصام الذي حددته الداخلية في الساحة الواسعة امام مجلس الامة والذي كان مقرراً ان يعقد في هذا ليوم اجتماعاً هاماً جداً واخيراً في عمر الدورة البرلمانية ، مع ان المنطق كان يتطلب ان يكون مكان الاعتصام هناك مادامت النقابة تستند في طلبها للعلاوة لاتفاق مع لجنة التربية والتعليم في المجلس عندما تدخلت عام ٢٠١٤ للتوسط ما بين النقابة والتي كانت قد اعلنت اضراباً عاماً عن العمل ووزارة التربية والتعليم .
ولذلك فأنه من الاسلم ان يكون الاعتصام امام هذا المجلس لمطالبته بتنفيذ وعده لهم كما يدعون بمنحهم هذه العلاوة . او على الاقل ان يكون اعتصامهم امام وزارة التربية والتعليم حيث انها الخصم والحكم والمرجعية لهم .
وهنا نأتي الى احداث يوم الخميس الاسود ، وقبل ان يذهب بكم التفكير بعيداً فأن سواد هذا اليوم ليس له علاقة بسواد شهر ايلول من عام ١٩٧٠ ولكنه سواد من نوع خاص صبغ النقابة والجهاز التعليمي ووزارة التربية والتعليم وكل مواطن في هذا الوطن الغالي وحاول في هذا اليوم ان يصبغ اجهزتنا الامنية وان يطعن بها وبمكانتها في الصف الاول من بين ابناء الاردن الذين بفضل جهودهم وتضحياتهم يتمكن الجميع بمن فيهم المعلمين من القيام باعمالهم واداء مهامهم ، والتي قامت في هذا اليوم بأغلاق العديد من الشوارع والطرق التي تؤدي الى الدوار الرابع تنفيذاً للأوامر الصادرة أليها والتي لا يوجد امامها الا واجب تنفيذها .
وكانت الاجهزة الامنية تتوقع ان يحاول البعض اختراق صفوفها بهدف الوصول للدوار الرابع ولذلك وعندما كان المعتصمون يقتربون من هذا الدوار كان ظباط الاجهزة الامنية يفتحون حواراً هادئاً معهم مبينين لهم ان الاوامر التي لديهم تقضيى بعدم السماح لأي معتصم من دخول الدوار وكانت ترجوهم بألحسني بعدم فعل ذلك وعدم محاولة التدافع لاقتحام صفوف اجهزة الامن والا فأنها سوف تعمل ما يلزم لمنعهم من ذلك .
وقد استجابت الغالبية العظمى من المعتصمين الى ذلك واشاروا الى تفهمهم لواجبات الاجهزة الامنية واحترامهم لها وهذا مثبت في العديد من الفيديوهات التي تم نشرها في ذلك اليوم . الا ان بعض المعتصمين والذين قد يكون اخذ الحماس منهم مأخذه او المدفوعين للقيام بذلك تدافعوا وحاولوا اختراق حواجز اجهزة الامن التي وجدت نفسها متضرة لأستخدام القوة اللازمة لمنع ذلك والتي بحمد الله لم تؤدي حتى الى اصابة واحدة بين المعتصمين .
وعندما احس النواصره ان سعيه للوصول للدوار الرابع لم يتحقق وقف امام اجهزة الاعلام متجسداً شخصية القائد العسكري وارسل انذاره لجميع اجهزة الامن وعناصرهم بالانسحاب من امام قواته وتمكينها من الوصول للدوار الرابع واقامة صلاة الغاىب على صديقه اللدود النقيب الحجايا خلال نصف ساعة من الوقت والا فأنه سيعلن الاضراب العام عن التدريس اعتباراً من يوم الاحد القادم وهو الامر الذي عاد واعلنه وحتى قبل انقضاء مدة انذاره .
وهذا يدل على نيتة مبيتة لديه للوصول الى هذه النقطة والا لكان بامكانه ان يحدد يوماً إخر او ايام اخرى لتكرار الاعتصام قبل الوصول الى مرحلة الاضراب لما لهذا الامر من مساس بمصلحة الطلاب وعلى ايدي من يفترض منهم ان يكونوا الاكثر حرصاً على مصلحة الطلاب وحتى اكثر من وزارة التربية والتعليم حيث انهم هم من يعاشرون الطلاب ومن يعيشون بينهم .
وفعلاً جاء يوم الاحد وحضر المعلمين الى مدارسهم واثبتوا حضورهم واقاموا تحية العلم بمن حضر الى المدرسة من الطلاب ثم تركوهم في ساحات المدارس فيما هم جلسوا داخل المدرسة من غير الدخول للغرف الصفية الى حين انتهاء الدوام حيث اثبتوا خروجهم وذلك بناء على تعليمات النقابة لهم
اما ما حدث بعد اليوم الاول من الإضراب فهو بحاجة الى كلام آخر .