جزء جديد من مسلسل إسرائيلي قديم
د. عامر السبايلة
05-11-2009 04:52 PM
لا شك أن السياسة الإسرائيلية لا زالت تعتقد أن الخدع السينمائية والإخراجية الهوليودية يمكن لها أن تنطلي على العالم, و أن حسن الإخراج و التمثيل لا يزلان يجديان بالتأثير على المجتمع الدولي. فمن عهد أصحاب السبت و التحايل على الله بصيد البحر إلى مسرحية اعتراض السفينة المحملة بالأسلحة في البحر المتوسط سنوات عديدة وعقلية سائدة واحدة, تحايل و خداع و محاولات للظهور بمظهر الضعيف المسكين.
اعتراض السفينة "الإيرانية المتجهة إلى سوريا لتنتهي بأيدي حزب الله" والإيقاع بهذا الكم الهائل من الأسلحة والتي يصفها الإسرائيليون بأسلحة تكفي مقاتلي الحزب شهراً من القتال تزامن "صدفةً و هذا للحفاظ على حسن النية" مع التصويت على تقرير غولدستون في مجلس الأمن, و يفهم ذلك ضمناً من الطريقة التي سارع بها الإسرائيليون للدفاع عن أنفسهم و بنفس سياسة ارتداء ثوب الحمل الوديع و الذي لازالت الذئاب تحيط به من كل مكان و تتحين الفرصة للانقضاض عليه. و هكذا فعلى المجتمع الدولي اليوم أن يفهم طبيعة هذه الأخطار المحدقة بأولئك المسالمين و المضطرين في نهاية الأمر أن يدافعوا عن أنفسهم بشتى الطرق و الوسائل من كل هذه الدول المتوحشة التي تحيط بهم و تترصد بهم.
و اليوم بدأ الإسرائيليون عمليتهم التسويقية لهذا الفيلم الجديد في محاولة لطمس الحقائق و لفت نظر المجتمع الدولي عن التقرير و تهميشه نظراً لأنه الأول من نوعه الذي يدين إسرائيل بهذه الطريقة. و هذا واضح من طريقة تسويق الخبر و الذي يهدف أيضاً إلى إثارة عقدة الذنب عند الدول التي صوتت لتقرير غولدستون و أدانت التصرفات الإسرائيلية, فضلاً عن محاولات إحراج سوريا و التي بدأت شمسها الدولية بالسطوع و طبعاً زيادة الضغوط الدولية و الداخلية على إيران.
اللافت للنظر هو – بوجهة نظري المتواضعة- الناحية الايجابية و التي تتمثل بأن الإسرائيليين أصبحوا مضطرين للعودة لسيناريوهات الأفلام القديمة و التمثيليات البالية و التي للأسف أن كانت تسجل في السابق انجازاً إلا أنها اليوم و نحن على أبواب العام 2010 لا يمكن أن تشير إلا للإفلاس السياسي لدى لإسرائيليين على الصعيد الدولي.
الصدفة الثانية تكمن في تزامن اعتراض السفينة مع إيقاف بث قناة العالم الإيرانية, بحيث لا يتمكن المشاهد العربي من الاطلاع على أي تفصيل أو رواية مغاير قد يرغب الإيرانيون و حلفاؤهم ببثها و كأن من عمل على إيقاف بث القناة على قمر نايل و عرب سات لم يعد يدرك أننا قد تجاوزنا مرحلة المنع و الوقف منذ زمن و أن المعلومة لم تعد تقتصر على مصدر واحد. و لا شك أن سيناريو الوقف سيستمر و قد يشمل قناة المنار قريباً.
محاولات إسرائيل التسويقية و التضخمية لبلابل و قلاقل يشهدها الشارع الإيراني , و خصوصاً و أن الأمس شهد تظاهرات بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على اقتحام السفارة الأمريكية بإيران و شاهدنا كيف انبرت المحطات و الصحف المناهضة للنظام الإيراني بصياغة الخبر و إذاعته. كل هذه التصعيدات تصب أيضاً في نفس الهدف, حيث أن التوقيت كان يهدف أيضاُ لشحن الجانب الإيراني المعارض للدعم الإيراني المقدم للمقاومة في فلسطين و لبنان و ذلك يخدم أيضاً الأجندة التي يطرحها معارضو النظام الإيراني و الذي أعلنوا عنه بوضوح في خطاباتهم و شعاراتهم و التي تساهم إسرائيل و حلفاؤها اليوم بتسويقها: «لا غزة ولا لبنان.. نستشهد فقط من أجل إيران».
amersabaileh@yahoo.com