إضرابٌ للعاملين وآخرُ للعاطلين، إضرابٌ للمهنيين وآخر للمعلمين؛ وما بين المسؤولين الحاضرين والغائبين، المُطالبين الموجودين والمفقودين؛ المواطنين الموافقين والمعارضين؛ الإعلاميين المؤثرين والمُأثرين؛ وما بين الإيجابيين والسلبين؛ يُطرح التساؤل: هل نحن في ازمة إضرابات؟ ام انها أصبحت من العادات؟ هل ما يجري نتيجة لمجموعة من التراكمات! وتزايد في الإحباطات! او هل تكون كما يصفها البعض نوعاً من الافتراءات! ام هل نعيش عالماً من التعقيدات لا يُمكن الحكومة والمطالبين من إنهاء الإضرابات! وإجراء التسويات!
ان الإدارة علم وعمل؛ أصول وفصول؛ قيادة وريادة؛ وليست هجوم وهموم؛ اتهامات وإهانات؛ تأليفات وتسويفات؛ مما يعطينا قناعات وتأكيدات بان جانباً من مشاكلنا ادارية وليست مالية؛ فتوفر الأموال دون ادارة ودراية ودون اتجاه وتوجيه، سيؤدي الي مشاكل في السيولة وضعف بالمرونة؛ زيادة في الاتكالية وتفاقم في المديونية، عجز في الموازنة وضعفٍ في المتابعة.
ان الإصرار على مواجهةِ التحديات المحلية والعالمية، بطريقة شخصية وأنانية وبعيداً عن الموضوعية والشمولية، لن يؤدي إلى الا نتائج سلبية، كما ان سياسة الإقصاء للقامات العلمية والأكاديمية، الخبرات الفنية والقيادية والبعد عن التشاورية لن يؤدي إلى الا لزيادة منسوب النظرة السوداوية والتشاؤمية.
ان تشخيص الحالة الاقتصادية الاجتماعية في اي دولة يُعتبر من الأهمية، فالفقر والبطالة، الراتب والعلاوة بحاجة إلى إعادة تعريف ودقةٍ في التوصيف، كما ان وجود البيانات الصحيحة والإحصاءات الدقيقة اصبح اليوم حاجة كبيرة؛ وإعادة النظر في خطط التنمية الشمولية المبنية على أسس من الموضوعية والحياديةِ بات ضرورةً وطنية، حتى يُضبط الإيقاع الاقتصادي ويُخطط للواقع المعيشي بأسلوبٍ عصري وعملٍ مِثالي.
من اجل الخروج من عنق الإضرابات والإعتصامات فإن على الحكومة إعادة توجيه بعض نفقاتها مؤقتاً، وإعادة ترتيب بعض بنودها قادماً، ادارة ملفها الاقتصادي والاجتماعي بأسلوب رقمي فني فكري، من خلال ربط المدخلات بدقة وإدارة المعالجة بحنكة ومتابعة المخرجات بحكمة؛ فالموازنة العامة تمثل خطة مالية سنوية مستقبلية وليست أرقاماً دائمةً حتمية؛ مع وجود بعض الطروحاتِ الذكيةِ والعلميةِ والعملية يمكن للحكومة ان تعطي لموازنتها نكهةً وطنية بنوعٍ من المرونة بأساليب احترافية وابتكارية بعيداً عن العصبية والاتهامات التبادلية.