ضربات متلاحقة لحكومة الرزاز تهز بنيانها وتجعل مصيرها في مهب الريح.بعض هذه الضربات جاء على شكل أزمات وتحديات ليست من صناعة الحكومة ولكن الحكومة لم تحسن إدارتها والتعامل معها مثل فيضانات العام الماضي في وسط العاصمة.
أزمة الاحتجاجات التي حدثت في مدينة الرمثا قبل أسابيع ساهمت الحكومة في صناعتها من خلال القرارات غير الموفقة التي اتخذتها بشأن حجم البضاعة المسموح إدخالها مع القادمين من سوريا مما أجج الوضع الصعب الذي يعاني منه أهل الرمثا أصلا بسبب العراقيل التي تواجههم في الانتفاع من كون الرمثا مدينة حدودية . أزمات متعددة تواجهها الحكومة مثل احتجاجات المتعطلين عن العمل من حملة الدكتوراه والشهادات العليا، وكذلك أزمة الطلبة القطريين والكويتيين الدارسين في الأردن والقرارات العليا في البلدين الشقيقين التي قيدت دراسة طلبتهم في جامعات محددة واستثناء كل الجامعات الخاصة وبعض الجامعات الرسمية من قائمة الجامعات المعتمدة لدى الدولتين.
أزمات الحكومة كثيرة ومتتالية لكن أزمة المعلمين وحالة الانسداد التي أثرت على مجمل الحياة العامة طيلة الأيام الماضية شكلت أبرز التحديات لهذه الحكومة.
حكومة الدكتور الرزاز لم تفلح في التعامل مع هذه الأزمة لا بل فإنه يبدوا أنه أخذتها العزة بالإثم ولم تسجل أي تفكير خلاق يمكن أن ينفس هذه الأزمة.حضور رئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم وتعاملهما مع نقابة المعلمين لم يكن على مستوى الأزمة وأهميتها وتداعياتها المتوقعة.الحكومة ميالة للتراجع عما التزمت به حكومات سابقة من زيادة 50% والمعلمين يعتبرونها حقا مكتسبا .لا أعتقد أن المعلمين يرفضون ربط الزيادة بالأداء ولكن ذلك يقتضي بالضرورة الاعتراف أولا بالزيادة يتبعها حوار عن المدد والآليات والكيفيات لتنفيذها.
كان يمكن للحكومة أن تغتنم هذه الأزمة وتحولها إلى فرصة حقيقية لتطوير التعليم في الأردن.كان يمكن للحكومة أن تبدأ بتنفيذ ما تضمنته الإستراتيجية الوطنية للموارد البشرية في تطور التعليم الأساسي وما قبل الأساسي في مدارسنا ومن هو أحق بالتطوير والمراجعة من الكوادر التعليمية في المدارس! رواتب المدرسين ومجمل نظام الحوافز في التربية والتعليم ليس بالمستوى المطلوب ،ورواتب المعلمين ليست كما يدعي البعض بأنها أفضل من رواتب العاملين في باقي الأجهزة الإدارية للدولة.وهنا نتساءل هل رواتب المعلمين تضاهي رواتب العاملين في وزارات الداخلية والخارجية والضمان الاجتماعي .وهل فرص المعلمين في النمو الوظيفي تعادل فرص الموظفين في دوائر الجمارك وضريبة الدخل والمبيعات ووزارة الصناعة والتجارة؟ لا يتقاضى المعلمين مكافئات إضافية(مساعي) ولا مكافئات عمل إضافي ولا مبالغ استثنائية كما يتقاضى نظرائهم في أجهزة الدولة الأخرى.
محير أمر هذه الحكومة فلا هي حولت الأزمة إلى فرصة ولا هي تعاملت مع الأزمة بطريقة حرفية فعالة واقترحت الحلول لفك الإضراب الذي عطل الحياة العامة للناس.تصريحات غير مدروسة واستفزازية صدرت من مسئولين في الحكومة حملت بين ثناياها وعيدا وتهديا لا يليق بالمعلمين .
أنا لست مع الإضراب وأؤيد لغة الحوار وأعتقد أن على القائمين على نقابة المعلمين أيضا أن يظهروا مرونة أكبر واستجابة للغة الحوار ويمكنهم أن يطرحوا حلول تسهل على الحكومة التجاوب مع المتطلبات المالية التي يطالبون بها، كما أنهم يمكنهم أن يرفعوا الإضراب ويعودوا للدوام في المدارس ويمهلوا الحكومة مدة أسبوعين للحوار والخروج بحلول.
أزمة المعلمين جعلت الحكومة تترنح وأعتقد بأن استمرار الإضراب ليومين أو ثلاثة سيكون له ما له من تبعات على قرار استمرار الحكومة أو حلها ،حيث أن عجزها عن الخروج بالبلد من هذه الأزمة يشكل مبررا كافيا وقويا لولي الأمر لإقالة الحكومة ....