استراتيجية تدمير الشباب الاردني
السفير الدكتور موفق العجلوني
14-09-2019 02:31 PM
وجدت اضراب المعلمين وفلتان الشباب والشابات في العاصمة عمان فرصة لتناول موضوع خطير ومأساة حقيقة لتدمير الشباب الذين هم المستقبل الواعد، رغم انني والجميع يجل المعلم من حيث المبدأ ويحترمه وحسب العرف والدين والعادة هم اسيادنا ونكاد نكون عبيدهم، وهم رسلنا الذين يعلمونا الكتابة والقراء والاهم من ذلك التربية والتعليم وكسب المعرفة.
حقيقة هنالك مأساة حقيقة يتعرض لها الشباب والشابات في عمر الورود، لا بل أكثر الفتيات ابناؤنا وبناتنا، انها عملية لا بل استراتيجية موت بطيء للشباب الاردني بذكوريته وانوثته، والتي اعتقد بدأوا يفقدوها شيئاً فشيئاً. حقيقة الحكومة ومؤسسات الدولة الرسمية، واصحاب الضمير الميت او بالأحرى بلا ضمير ويفتقدون لأي ضمير او وجدان او مخافة الله، لا بل هنالك غشاوة على أعينهم ومعميّة ابصارهم من كثرة الغيوم السوداء المتلبة والصاعدة من محلات اراجيلهم. فقد لاحظت بسبيل الصدفة ان مقاهي الاراجيل بدأت تغزوا الازقة والحارات المأهولة بالسكان، وان هذه المقاهي تعج بالفتيات والشباب والذين هن بعمر الورود وتكاد نسبة الفتيات تصل الى أكثر من ٨٠٪ من رواد هذه المقاهي.
صرخة من الضمير ..من المسؤول في غياب فقدان سلطة الوالدين على الابناء ، هذا اذا لم يكن الوالدين غارقين الى حناجرهم بالمعسل والتفاحتين و ما الى ذلك من خلطات اجهلها و لا اعرف لها طعم ، باستثناء استنشاقها عن بعد و هي تنبعث من محلات مقاهي الاراجيل .من المسؤول ، من الذي يقوم بإصدار الرخص لفتح مقاهي اراجيل في الحارات و الازقة و بين المنازل الاهلة بالسكان ، الامر الذي يودي الى ازعاجات للساكنين الامنين و التضيق عليهم من خلال ركن المركبات في هذه الازقة و الحارات ، الامر الذي يؤدي احياناً الى نزاعات و مشاكل لها اول و ليس لها اخر .
اين المسؤولين في الدولة، اين امانة عمان صاحبة الامانة، اين وزارة الصحة، ومن هو صاحب الامر والنهي بالموافقة على فتح محلات اراجيل في الازقة والحارات المأهولة بالسكان بهدف تحقيق الربح السريع. ربما تأخذ هؤلاء الرواد من الشباب والشابات الى طريق مجهول سوآء عن غير قصد وبقصد، ولا تجلب لهم الا الامراض الخبيثة والعادات السيئة وسوء الخلق.
سؤال الى المجتمع الاردن، لماذا نشجع ابناءنا وبناتنا الذهاب الى هذه الاماكن الموبوءة ... الى الموت البطيء، لماذا لا تتحول هذه الاماكن المسمومة الى مكتبات عامة أو اماكن للممارسة الهوايات الرياضية، او تكون مصدر رزق حلال لا ضرر ولا ضرار.
لماذا تمنح رخص لزرع هذه المحلات بين المناطق المأهولة بالسكان وفي الازقة والحارات؟
حدثني صديق أن أحد اصحاب المحلات دفع ١٠٠ ألف دينار رشاوي حتى تمكن من الحصول على رخصة ...!!! لمادا يصرح لمن هم في سن الورود في الدخول لهذه الاماكن؟ الى درجه انني شاهدت اطفالاً بعمر سنوات وبعمر شهور بمعية ذويهم والاهل يمارسون هواية تدخين الارجيلة بحضور اطفالهم وامام أعينهم، باعتقادي هذه النوعية من الرجال فقدوا ابوتهم ورجولتهم، وهؤلاء النسوة فقدن امومتهن وانوثتهن (مقالي في وكالة عمون الغراء بعنوان اطفال الاراجيل بتاريخ).
ان من يقوم بهذه التجارة يخرج عن الضمير الحي. كفى تدمير ابنائنا وبناتنا، كفي زرع الامراض الخبيثة بصدور ودماء الابناء الابرياء.
اين أصحاب الفكر والمثقفين، اين اعلامنا المسؤول، عشرات القنوات التلفزيونية، وصحافتنا الحرة المسؤولة، أين التوجيه السليم للشباب والشابات بمدارسنا بمعاهدنا بجامعاتنا، واين منابرنا في المساجد والكنائس ودور الوعظ والارشاد. الا يمكن خلق نوادي رياضية تستوعب الشباب والشابات ومكتبات عامة في كل حي وحارة بدلاً من مصانع السم من المعسل والاراجيل القذرة الموبوءة وغيوم التباكو التي تنبعث من صدور الشباب والشابات، والنيران المشتعلة من حملة مشاعل الكربون.
ايها المسؤولون في الدولة والمؤسسات صاحبة القرار بترخيص هذه الاماكن مستودعات السم والعار، كفى فقد اخذتم ابناءنا وبناتنا، لا بل اخذتم المجتمع كله الي الجحيم، اتقوا الله، فلا نملك في اردننا الحبيب الا هؤلاء الشباب والشابات، فبدل ان نفتح لهم اماكن للسم والعادات السيئة، لنفتح لهم مشاريع واماكن لسد لقمة العيش وتخفيف البطالة واماكن لقضاء وقت الفراغ كالأندية الرياضية والمكتبات العامة، ورياض الاطفال، فنحن في الاردن ليس لدينا الا هؤلاء الشباب الذين هم المستقبل وهم أغلى ما نملك.