اللاجئون باقون والتمويل الدولي في تناقص
د.محمد المومني
14-09-2019 12:13 AM
بحسب إحصائيات مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السوريين الذين عادوا لبلادهم منذ فتح الحدود الاردنية السورية قبل عام 28 ألف لاجئ. البقية والمقدر عددهم بحوالي مليون و200 ألف لاجئ لا يزالون في الاردن، 10 % فقط منهم بمخيمات اللجوء، 80 % منهم تحت خط الفقر، ومعظم المؤشرات الصحية والاجتماعية لديهم أقل من المعدلات الوطنية ما يؤثر بترتيب الاردن عالميا. العدد الكبير من اللاجئين استنزف الموارد، وضغط على البنية التحتية، ورتب أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية جمة. المؤسف، أن نسبة التمويل الدولي لخطة الاستجابة للأزمة السورية التي يعدها الاردن لعامين كانت محدودة جدا بلغت حوالي 8 % من المتعهد به، في اوضح واخطر مؤشر على إصابة المجتمع الدولي بالارهاق التمويلي. دول العالم تشبع الاردن مديحاً لدوره الانساني الكبير باستقبال وإيواء اللاجئين، وقد حصد الاردن الكثير من المكتسبات السياسية والمعنوية جراء هذا الدور فأصبح محط احترام العالم، لكن قلما تم ترجمة هذا الإعجاب على شكل دعم مادي يغطي كلفة اللجوء.
الاردن أكبر دولة مستقبلة للاجئين بالعالم، قدم درساً للانسانية وانموذجاً قيمياً عظيماً بتعامله مع اللجوء. سياسياً وقانونياً، احترم القانون الدولي وتعهدات الامم المتحضرة، وتبنى خطابا سياسيا وإعلاميا إيجابيا وتصالحيا مع اللاجئين، مستثمرا وبانيا على القيم الاردنية من شهامة وكرم ونخوة، ما بدد احتمالية نبذ أو كره المجتمع للاجئين. أمنياً، برع الاردن بالتعامل مع أمن الحدود، والأمن في الداخل، وأصبح الدولة رقم واحد بهذا الشأن لما راكمه من خبرة وسجل ناصع، وفي أحيان تبنى أسلوب الشرطة المجتمعية بوضع شرطة مدنية من السوريين انفسهم للحفاظ على الامن داخل المخيمات. واقتصاديا، قاسمهم لقمة العيش بعزة وكرامة دون منّة او استكبار. لكل ذلك، استحق الاردن كل هذه المسموعات العظيمة، وحق له أن يفتخر وعلى رؤوس الأشهاد أن ما فعله عجزت عنه قارات ودول عظمى، وهذه حقيقة بائنة ومثبتة.
الكلام المعنوي والسياسي جميل ومفيد، وذا قيمة تترجم بأشكال مختلفة تضيف لقوة الاردن وحضوره. لكن لا بد من تكثيف الجهود على جبهتين أساسيتين: الاولى، بتفعيل وتبني موقف قوي وصريح وعلى كافة المستويات، ومن قبل كافة الوزارات المعنية، بأن تمويل خطة الاستجابة غير كاف وغير منصف، ولا يحقق الاستقرار المطلوب للاجئين ومضيفيهم، وإن كان الاستقرار متحققا الآن فلا أحد يستطيع ضمان استمرار ذلك. ثانيا، لا بد من اشتباك سياسي، ونقاش امني دبلوماسي مع سورية وروسيا، بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة التي تسمح بعودة المزيد من الضيوف اللاجئين. أمن الحدود وإبعاد الميلشيات عنها والحرب على الارهاب أمور مهمة وحاسمة للعلاقة مع سورية وروسيا، لكن لا بد أن يضاف لها مسألة عودة اللاجئين، وضرورات تسهيل ذلك، وعدم التنكيل بمن يعودون لإخافة البقية من العودة، وأن الاردن يعتبر ذلك مصلحة استراتيجية عليا.
الغد