تأسيس الامارة في عيون وصفي التل ..
أمل محي الدين الكردي
13-09-2019 11:59 AM
إن تأسيس الامارة الاردنية على يد المغفور له الملك عبد الله الاول ابن الحسين كان حدثاً تاريخياً بارزاً . فقد جاء عام 1921 م الى هذه البلاد وهي في حالة تمزق وفوضى ,لا أمن فيها ولا نظام ,لا يدري أهلها شيئاً عن مصيرها ومصيرهم ,ولا يعلمون ما يحاك لهم في الخفاء .فما كان من عبد الله بن الحسين الاول
الا ان بدل الفوضى نظاماً ,وخلق من التمزق كياناً واحداً , ووطد سلطان القانون,فاطمأن الناس الى غدهم ,واتجهت الجهود الى البناء والاعمار والى الاعمال المثمرة النافعة .ولم تمض على ذلك سوى سنوات قلبلة ,حتى أصبح الاردن مضرب المثل في الاستقرار والثبات ,وفي التحام الصلة بين المواطنيين وأولي الأمر ,بينما كانت أقطار كثيرة في عالمنا العربي تعاني من صلف الاستعمار وطغيانه.
كان انشاء الامارة الاردنية جزءاً من التسوية التي فرضتها دول الحلفاء على العرب .وكان تقسيم الموطن السوري الى أربعة أجزاء,أكبر ضربة أصيب بها العرب من جراء تلك التجزئة التي وضعتها الصهيونية وفرنسا وبريطانيا لمصالحها الاستعمارية ذلك ان التجزئة حالت بين العرب وبين إنشاء دولة قوية عزيزة الجانب .وكان من آثار تلك التجزئة فتح ابواب فلسطين للغزوة الصهيونية تحت حماية البنادق الانكليزية مما نشهد نتائجه في يومنا هذا.
لم يستطيع العرب الحيلولة دون تنفيذ التجزئة وتطبيقها .كانت معركة ميسلون محاولة باسلة لكسر طوق العدوان ,ولكن قوى الاستعمار تغلبت على مقاومة العرب الشريفة وفرضت ارادتها بقوة السلاح .
في ذلك الوضع المتردي ,جاء عبد الله بن الحسين الاول يستنفذ هذه المنطقة من مخالب الاستعمار .وكان من اجل النتائج التي اسفر عنها إنشاء الامارة ,تخليصها من احكام وعد بلفور الذي ابتليت به فلسطين .فقد كانت الصهيونية تخطط وتعمل على ضم شرقي الاردن الى فلسطين ,ووضعها معها تحت وطأة الغزو الصهيوني .ومن نافلة القول انه لولا مجيء الملك عبد الله الاول ,وتأسيس هذا الكيان العربي ,لما عدمت الصهيونية ذريعة تصل بها الى ذلك الهدف.
كان عبد الله بن الحسين من طراز بناة الدول,فقد سار على سياسة حكيمة حفظت لهذا القطر العربي عروبته ,ثم وصلت به الى الاستقلال خلال الخمسة وعشرين عاماً الاؤلى من حياته ,أكبر بكثير مما تمتعت به الاجزاء السورية الثلاثة الأخرى .
وهذا ما قدمه المرحوم وصفي التل للمرحوم سليمان الموسى في دراسة وثائقية مدعمة بالادلة والاسانيد لتغطية تاريخ الخمس الاؤلى من حياة الامارة الاردنية في آيار عام 1971 ودعا المرحوم وصفي التل الشباب الى قرأة والاطلاع على ما بذله رجال الطليعة ابناء الرعيل الاول من جيل الاجداد والابآء في بناء هذا الجزء العزيز من وطننا العربي .وقال ذلك ينبع من أمسنا ويرتبط بغدنا .والتاريخ عبرة ودروس .والامم الحية هي التي تستخلص العبرة من تاريخها القريب ,وتنفع بها في معالجة أحداث يومها الراهن وغدها البعيد .
المرحوم وصفي التل.. وصف تاريخ ماضي وتاريخ جديد لا زلنا نعيش بعض منه وهذا الخطاب لم يكن لمقدمة كتاب وإنما كان حاضر ولمستقبل آتي هذا الكتاب الذي تم طباعته في حزيران عام 1971 طبعة اؤلى كان يتحدث يتحدث على مرور خمسين عاماً من تأسيس الدولة الاردنية .
وكتب المرحوم وصفي التل بأن كل الامم تهتم بتسجيل مراحلها التاريخية لإن الاحداث التاريخية في حياة كل الشعوب جديرة بالبحث والاستقصاء الى حد لا تبقى فيه زيادة لمستزيد رحم الله وصفي وأسكنه الفردوس الأعلى .
أمل الكردي