الفساد الكبير وأخيه الصغير
عصام قضماني
13-09-2019 12:43 AM
أعجبني مصطلح خرج به علينا رئيس سابق لهيئة مكافحة الفساد وهو كلام مسؤول أنقله حرفيا دون زيادة ولا نقصان «الفساد الأكبر قد انتهى في مقابل توسع للفساد الأصغر».
في الحقيقة ذهبت الى تصفح المراجع للتعرف على المقصود بالفساد الصغير فوجدت تعريفا طريفا يسميه بـ«الفساد الثانوي أو الصغير» وأنقله كما هو وهو الذي تكون تأثيراته صغيرة وغير واضحة إجمالاً على البلاد، بحيث تكون عن كميات قليلة من الأموال، أو تتعلق بالأشخاص الذين لا يمتلكون تأثيراً قوياً في البلاد، لكن يمكن أن تتفاقم آثاره لتتسبب في مشاكل كبيرة، ومن أشكاله دفع الأموال غير المستحقة للحصول على مقاعد دراسية، أو للحصول على ترقيات مهنية سريعة، أو للانتقال إلى قاضٍ آخر لعكس قرار المحكمة وما إلى ذلك.
حسنا، أعتقد أن أسوأ أنواع الفساد هو الفساد التحريضي، بمعنى أن يضغط صاحب نفوذ للتضييق على منافسين أو يدفع صاحب مصلحة رشوة لموظف ليس الغرض منها تسليك معاملة بل إحداث ضرر بمصلحة أخرى تخص منافساً له.
الفساد الكبير والكلام هنا لرئيس وزراء سابق هو واضح، لكن المشكلة الأخطر هي في الفساد الصغير الذي يتسرب مثل بكتيريا قاتلة تلوث الدم في الجسد.
قد يطلع علينا شخص أو مسؤول فيقول هذا تشويه وجلد الذات وأنا أقول أن الاعتراف بالمشكلة هي بداية العلاج، دون تجميل لهذا الفساد الصغير تحت مسميات كثيرة منها البيروقراطية، حتى أن أحدهم ألقى شعارا قال فيه، «البيروقراطية هي التي حمت الإدارة الأردنية من الفساد» والحقيقة هي أن البيروقراطية هي التي وفرت بيئة مناسبة للفساد.
قامت الدنيا ولم تقعد، عندما انتقد مسؤول كبير ما درجت العادة على تسميته بـ«الإكراميات» وهو تجميل لسلوك قبيح اسمه الرشوة، هل تذكرون؟.
الحكومة الإلكترونية هي الحل لأن الآلات والحواسيب، لا تطلب إكرامية ولا تطلب رشوة ولا تكيف القوانين والأنظمة واللوائح على هواها والأهم أنها لا تعرف الضغوط، الا إن قرر الموظف المتضرر أن يسحب سلك الكهرباء ويطفأها..
لا يمكن أن توظف مكافحا للفساد الصغير في كل قسم من دائرة في مؤسسة أو وزارة لكنه يستطيع أن يولي الرجل المناسب في المكان المناسب ليقوم بهذه المهمة.
الفساد الصغير يأكل جسد الدولة كما الثقوب الصغيرة في جسد الإنسان فلا يلبث وأن يفارق الحياة بعد أن يفرغ الجسد من الدماء ببطء ففي نهاية المطاف يصبح الصغير كبيرا فيصعب معالجته.
المشكلة فيمن يطبق القانون وفيمن يجيره لخدمة مصلحة ويغير مساره على هواه لكن ربما سيحتاج الأمر الى بنود قانونية توفر للمستثمرين صغارا وكبارا الحماية ليس فقط من مثل هذه الممارسات بل حماية المستثمرين من تفوق منافسيهم أو مبتزيهم الذين طوعوا هذه القوانين عبر موظفين لعبوا هذه الأدوار ببراعة .
الرأي