ضمن سعيه لتحسين أوضاعه الانتخابية، يقدم نتنياهو وعودا انتخابية بضم مستوطنات الضفة الغربية وفرض “السيادة” الإسرائيلية عليها، بالإضافة لأراض في غور الأردن الغربي التي تعتبر جزءا اساسيا من الأراضي المحتلة العام 1967 بحسب القرارات الأممية والقانون الدولي. نوايا نتنياهو ليست جديدة فقد أعلنها عدة مرات سابقاً، لكن هذه المرة تأتي على شكل وعد انتخابي قد يستخدمه نتنياهو لاحقا لاقناع الإدارة الأميركية بضرورة تنفيذه لأنه إلتزم به سياسيا في الانتخابات، في محاكاة لنهج ترامب في تنفيذ الوعود. ضم أراض في الضفة والغور وفرض السيادة عليها يعني سياسيا نسفا لعملية السلام ومرجعيتها “الارض مقابل السلام”، ويعاكس مبادئ القانون والشرعية الدوليين، التي استندت إليها المبادرات والوساطات عبر عقود من الزمن.
رد الفعل العربي كان ملفتا، فقد دأبت الدول العربية مع الأسف إلى عدم اصدار أية ردة فعل أو ادانة لكثير من التجاوزات الإسرائيلية. هذه المرة، هناك إدانة صدرت باسم اجتماع وزراء الخارجية العرب، ودعوة لعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لبحث الخطوات المطلوبة للوقوف بوجه إعلان نتنياهو. هذا أمر مهم على عكس ما يعتقد كثيرون، فغيابه جعل نتنياهو يغالي ويمعن في انتهاكاته، والاخطر، أن ذاك الغياب كان يستخدم من قبل نتنياهو ليسوّق نفسه دوليا على أنه صديق لدول عربية مفتاحية وأن هذه الدول لا تهتم لشأن القضية الفلسطينية. نجح فعلا بذلك، وردة الفعل العربية الأخيرة تؤشر على استفاقة طال انتظارها. فترات التوافق الأميركي الخليجي والإسرائيلي الخليجي تبدو إلى افول، بسبب تعاطي الإدارة الأميركية الموارب مع أزمة إيران وتركها لحلفائها وحيدين، وبسبب غرور نتنياهو وإمعانه في تجاهل محيطه الذي يدعي صداقته في تعاطيه مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وعد نتنياهو يشير أن انتهازيته السياسية وصلت لحدود إعلائه مصلحته الانتخابية على حساب مصالح بلده كما رأها كل من سبقه. ضم الأراضي والمستوطنات معناه تعطيل حل الدولتين، والذهاب لخيار الدولة الواحدة، وهو ما خشيه ووقف بوجهه كل رؤساء وزراء إسرائيل السابقين، بمن في ذلك اليميني المتشدد شارون الذي انسحب احاديا من غزة، وأعلن انه يفكر بقرار مماثل من الضفة. شارون وغيره لم يكونا اقل تشددا من نتنياهو، ولكنهم أدركوا ان ضم الأراضي سيقضي على فرص قيام الدولة الفلسطينية، التي ان لم تقم ذهبنا لخيار الدولة الواحدة، وفيها سيكون السكان العرب الغالبية على غيرهم. ما لا يدركه نتنياهو واليمين الإسرائيلي، أن السعي لقضم الأراضي لأسباب دينية معناه إنهاء إسرائيل وجودياً، لذلك فكما أن حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية مصلحة عربية وفلسطينية وطنية وسيادية كبيرة، هو ايضا مصلحة إسرائيلية وجودية.
نتنياهو لا يقبل هذا المنطق ولا يفهمه، فهو مهتم فقط بكم الاصوات التي سيحصل عليها ولتذهب مصالح بلده للجحيم. سياسي انتهازي يمتلك القليل من المصداقية من قبل قادة العالم الاقليم، وبلده سيكون أفضل حالا بدونه.
الغد