الملك متخفياً .. عود على بدء
رمضان رواشدة
12-09-2019 12:33 AM
خلال اليومين الماضيين قام جلالة الملك عبدالله الثاني بزيارتين مهمتين لهما دلالاتهما في الحياة العامة والبرنامج اليومي لجلالة الملك، أولهما زيارة جلالته إلى إحدى تشكيلات الدفاع الجوي في الجيش العربي دون مقدمات وبدون أن يرافقه أحد من المسؤولين العسكريين، والثانية زيارته متخفياً لدائرة أراضي شمال عمان، وأيضاً دون إعلام المسؤولين وذلك لتلمس حاجات الناس مباشرة.
هذه الزيارات الملكية لن تكون خارجة عن سياق زيارت اخرى ينوي الملك القيام بها خلال الأيام القليلة القادمة لعدد من المؤسسات والدوائر والوزارات الحكومية وذلك بعد أن شعر جلالته أن هناك حاجة مباشرة ليطلع على الواقع بعيداً عن التقارير المنمّقة التي تصله وبعيد عن عروض (البوربوينت) على شاشات الكمبيوتر في الغرف المغلقة التي يتفنن بها الوزراء والمسؤولون.
لو فكر كل مسؤول بما يفكر به الملك وبما طرحه في آخر اجتماع له مع مجلس الوزراء لما كنا بحاجة إلى التدخل الملكي بزيارات كهذه، حيث أكد جلالته على أهمية حماية المستثمرين وضرورة اتخاذ القرار الجريء من المسؤول في تطوير مؤسسته ومن لا يريد فليذهب إلى بيته وضروة مراعاة ظروف الناس عند اتخاذ القرارات الحكومية الاقتصادية والسياسية والمطلبية حتى لا نصل إلى ما وصلنا إليه في الظروف الحالية من أزمات.
الزيارات الملكية المفاجئة هي عودة إلى نمط من الزيارات التي مارسها جلالته في بداية حكمه قبل عشرين عاماً حيث دأب الملك على القيام بزيارات مفاجئة لا يدري بها المسؤولون ولا يرافقه فيها أحد باستثناء واحد او اثنين من الحلقة الاستشارية المحيطة به.
وكنت صحفياً في الرأي اغطي نشاطات الملك، وكنا نتابع مع سمير الرفاعي أمين عام الديوان ومستشار الملك آنذاك ومع علي الفزاع مستشار الملك الذي كان يرافقه في عدد من الزيارات، تفاصيل هذه الزيارات المفاجئة وكان التوجيه أيامها من لدن جلالته أن على الصحافة مهمة متابعة جولاته المفاجئة وتلمس مدى التطور الذي حصل بعد زياراته تلك، ومن أهمها كانت زيارة الملك لمستشفى البشير التي أخذت صدى كبيراً نظراً لأهمية المستشفى الذي يخدم مليون أردني في شرق عمان.
الزيارات الملكية ترسل رسالة واضحة للمسؤولين مفادها أن جلالته ما زال غير مطمئن لسير الأمور ولنشاطات الوزراء الذين بدلاً من الركون إلى مكاتبهم ودوامة الاجتماعات التي لا تنتهي عليهم النزول إلى الناس ومعرفة حاجاتهم وتلمس همومهم.
وهذه الزيارات الملكية رسالة مباشرة إلى كل مدير ووزير أن الملك هذه المرة سيطلع بنفسه على مشاكل الناس بعيداً عن الكلام المصفوف الذي يسمعه جلالته من المسؤولين اثناء لقائه بهم.
نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت وأن لا نحتاج إلى التدخل الملكي في كل مشكلة كبيرة كانت أو صغيرة، وإلا لماذا يعيّن الملك الحكومات والوزراء.. أوليس المطلوب أن يقوموا هم بتطوير مؤسساتهم وتلمس هموم المواطنيين.
الزيارات الملكية لن تتوقف والأيام القليلة القادمة ستكشف المزيد من الزيارات المفاجئة وعلى الوزراء والمسؤولين أن ينتبهوا فهم الان تحت مجهر الاختبار خاصة بعد الكلام الملكي في اخر اجتماع لمجلس الوزراء. وللكلام بقية..
الرأي