لرابطة الكتاب الأردنيين تاريخ ثقافي مؤثر في المشهدين الوطني والقومي حينما كانت كيانا حراكيا فاعلا لا تتلقى توجيهات حزبية خارجية مؤدلجة، بل كانت رؤية وطنية قومية تعبر عن هموم الأمة وأحلامها غير معنية بالصراعات القطرية التي لم تتوقف والاصطفافات الحزبية الضيقة التي أنهكت الفكر والأدب وجعلت الثقافة بإنسانيتها ثقافات شللية وهمية متحاربة ، والحديث هنا عن الانتخابات - التي ستجرى الجمعة القادمة - ويلحظها المراقب الأدبي في السنوات الأخيرة من عمر الرابطة حتى أضحت قضايا مثل التطبيع مع العدو مسألة مزايدة بين المترشحين في ظل اللاتطبيع، وكأن التوجه الرئيسي لأعضاء الرابطة تدافع وحشي نحو الصهينة، حتى ليظنن أنه لا فروق بين القوائم المتنافسة على مقاعد الهيئة الإدارية التي باتت شكلا فاقعا بلا مضمون وطني صريح أو قومي حقيقي، وكان جدير بمن تنتهي ولايته الإدارية أن يقدم كشفا عما قام به عبر مراحل إدارته.
كثير من الأعضاء لا يعرفون الرابطة مكانا وحضورا ونشاطا إلا قبيل الانتخابات التي لا يعلمون كيف ترشح غيرهم لها، وكيف تشكلت القوائم كي تزعم أنها خير ممثل لهم ببرامج إنشائية افتراضية قد رُفِعت من قبلُ ولم يتحقق منها مثقال ذرة من وعد، وفي ظل غياب رؤى وطنية أردنية تنسجم مع تاريخ الأردن وعمقه القومي تكون المزايدة بقضايا مقدسة غير منكورة عند الأردنيين أدباءَ ومثقفين ومفكرين، وهي قضايا غير قابلة للمناقشة أصلا ، ثم إن الإيمان بالأردن وطنا وهوية وانتماء ليس مَثْلَبَةً بل مفتاح الانتماء للأمة ثقافةً ودينا وتاريخا وحضارة.
إن الهجوم على أعضاء الرابطة من الأكاديميين والكتاب الذين لم يشاركوا في نشاطات الرابطة مرجعه إلى سيطرة حزبية بغيضة وشللية مفرطة في نرجسيتها على المشهد الثقافي بكل تنوعاته، وكأنهم في حسابات إدارات الرابطة المتعاقبة نسي منسي لا تُتَذكر أسماؤهم إلا قبيل موعد الانتخابات . لماذا لا تكون الرابطة كغيرها من النقابات المهنية من حيث الاهتمام بأعضائها في مجالات الحياة وهم أكثر معاناة من غيرهم، فالخلل ليس في إبداع الكتاب الذي لا يحتاج إلى محفزات كي يتجلى بل في الإدارات المكرورة بأيدلوجيتها وتوجهها الحزبي، ومعهما ينسى الإبداع والبرامج والمشروعات والوعود وكذلك الشباب المبدعون والأطراف المنسية.
يفترض ألا تكون الرابطة مفرقة تحت أي عنوان بل تكون رابطة جامعة يقلقها تطوير الإبداع وتوفير مطالب الحياة لأعضائها ليكونوا مساوين لغيرهم من أعضاء الهيئات والنقابات الأخرى. فليس قلة الموارد عذرا لإلغاء الروابط الفرعية؛ فالمسؤولية الإدارية تقتضي حراكا حقيقيا لجمع الأموال من جهات وطنية قد تتماهى مع الواقع الأدبي كي تدعم الرابطة إن وجدت مصداقية نضالية في الإقناع، وإلا كيف يستطيع عميد كلية في أي جامعة توفير مبالغ مالية ضخمة لدعم مؤتمر دولي بجهده الفردي ، ومن لا يستطيع أن يبادر للعمل النقابي وخدمة المنتسبين للرابطة فعليه ألا يقدم نفسه للعمل العام ،إن بقاء الرابطة في زاوية الحزبية السياسية الانتهازية هو حشر متموضع في غيابات النسيان، ولا يمكن أن تستمر الحياة لجسم مخدرة أعضاؤه مصدع رأسه ، ومن يمثل الكاتب هو إبداعه وليس عناوين حزبية تتقاطع مع أوهام رجعية منقرضة تتضاد مع واقعية الدولة الأردنية ومشروعيتها ثم يزعم أصحابها أنهم ضحايا الجغرافيا والتاريخ وانحباس المال، وقد أوغلوا في تقطيع جسد الرابطة بأيديهم فلا يتذكرون وجعها إلا في مواسم الصعود إلى كراسي الإدارة المُقزمة.
وبعدُ، فإن كان من لوم أو ملامة فالأجدر توجيههما للهيئات الإدارية المتعاقبة المتناسلة وليس للهيئة العامة التي لم يزد أعضاءها الانتسابُ للرابطة إلا إيمانا بأن الأدب بنبله الإنساني أعظم من روابط محنطة تحتاج إلى إدارة واقعية متحدية جريئة فاعلة وليس إلى هيئة شعرية حزبية حالمة وإلا سيصدق فيها وفي شعاراتها قول زهير بن أبي سلمى :
ما أرانا نقولُ إلا مُعارا **** أو مُعادا من قولنا مكرورا