شحاده أبو بقر يكتب ل عمون : هيبة الدولة يصنعها السياسيون .. لا طبقة الموظفين ورجال المال والاعمال !
04-11-2009 04:32 AM
يكثر الحديث هذه الايام عن " هيبة الدولة" ويذهب المتحدثون ولكل وسيلته او منبره ، الى التحسر على ما يصفونه بانحسار هيبة الدولة ، ويرون ان العلاقة بين المواطن والدولة ما عادت تلك العلاقة التي كانت ، وان ثقة الناس بالسلطة الرسمية تراجعت كثيرا ، ويجتهد هؤلاء في ضرب الامثلة على ذلك ومنها ان الناس لم يعودوا يخشون السلطة على النحو الذي كان ، وان قدرة السلطة على فرض القانون وبسط النظام العام ما عادت ايضا كما كانت !!، ويقينا فان هناك خلطا واضحا بين مفاهيم " الهيبة " ... فما هي هيبة الدولة ...؟
شخصيا اجزم ان هيبة الدولة تعني مدى احترام مواطنيها لها وليس خوفهم منها ، وبالطبع فان هناك فرقا هائلا بين ان تحترم الدولة ممثلة بالحكومة القائمة وبين ان يملؤك الخوف من تلك الحكومة واذرعها الحاكمة !، ففي الحالة الاولى انت مواطن محترم تحيا في ظلال دولة محترمة ، وفي الثانية انت مواطن مرعوب تحيا في ظل دولة ايضا مرعوبة هي الاخرى ، وبالضرورة شتان بين الامرين ، فلكل منهما ظروفه وحيثياته التي يطول امر الخوض فيها .
عمليا اجزم كذلك ان السياسة بصورتها المجردة هي التي تصنع هيبة الدول ، فالهيبة المجسدة لاحترام متبادل بين الدولة ومواطنيها ، يصنعها السياسيون لا رجال المال والاعمال والوظائف المجردة ، والهيبة بنت السياسة لا بنت الاقتصاد ، وكلما سادت صبغة " السياسي " على السلطة الرسمية للدولة ، كلما تأصلت هيبتها في نفوس مواطنيها ورعاياها والمقيمين على ارض تحكمها تلك الدولة ، وكلما تلاشت صبغة " السياسي " عن تلك السلطة ، كلما تضاءل منسوب هيبتها في ذهنية مواطنيها ورعاياها وحتى المقيمين على ارض تحكمها !.
تلك حقائق دامغة يبرزها الواقع العالمي الذي نعيش ، مثلما يدلل عليها التاريخ قديمه وحديثه على حد سواء ، فالمال زينة... مصداقا لقوله تعالى " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " وهو نتاج للسياسة ، والسياسة حالة " وقار " تبني للدولة مجدا تحتاجه كي تنتزع احترام العامة والخاصة داخل وخارج حدودها في ذات اللحظة ، والسياسيون هم من يبنون مجد الدول ولا مكان يذكر كثيرا لطبقات رجال الاعمال والموظفين والليبراليين على هذا الصعيد ، ليس لعيب فيهم، وانما لان السياسي يفكر " بالعقل الجمعي " للدولة والمجتمع ، اما هم فحدود التفكير عندهم حكر في الاعم الاغلب على مجال الاختصاص ، ومن هنا يملك السياسي كل الشروط والمواصفات لان يكون رجل دولة ، فيما يملك هؤلاء وفي احسن الحالات شروط ومواصفات رجال مرافق او مؤسسات لا مكان فيها للسياسة بمعانيها المجردة.
لو كان لي حق النصيحة الامينة الصادقة باذن الله ، لنصحت " اليابان " اغنى دول الارض قياسا بالمساحة والسكان ، بان تسلم امر السلطة فيها للساسة لا لرجال المال والاعمال والتقنيين ، إذن لتغير الحال فيها وانتقلت الى مرحلة إملاء رأيها ورؤاها على العالم كله ، ولنصحت كذلك "دولة" احبها كثيرا بان تفعل الامر ذاته ، إذن لاستعادت كامل هيبتها وفرضت سلطتها وسلطانها على كل شبر من ارضها وحظيت باحترام سائر رعاياها بلا استثناء، ليس لانهم يخشون بطشها ونقمتها ، وانما فقط لانهم يحبونها ويثقون بها حتى وان قست ظروفها العملية والمالية وغيرها ، لانها تجسد عندها حقيقة كونها الوطن ولسائر مواطنيها ، فالسياسيون ، والسياسيون وحدهم من يعرفون كيف تساس الشعوب والاوطان وليس رجال المال والاعمال والموظفون مع خالص احترامي لهم !!.
She_abubakar@yahoo.com