كان إمبراطور إيران الشاه محمد رضا بهلوي, والذي كان يقيم علاقات قويه مع إسرائيل و مواليا للسياسات والمصالح الأمريكية في المنطقة ( النفط ..و إسرائيل ) ,فكانت إيران و بالمساعدة الأمريكية مستعدة للوقوف وصد أي هجوم سوفيتي على الخليج إذا ما حاول الوصول إلى المياه الدافئة واحتلال منابع النفط لمدة أسبوع على الأقل حتى تتمكن أمريكيا من الاستعداد للرد. ونظرا للدور الكبير الذي كان يقوم به ,قامت المخابرات الأمريكية بمساعدته لاستعاده الحكم ثانيه بعد الانقلاب الذي أطاح به و أسقطه على يد الدكتور محمد مصدق في أواخر الخمسينات من القرن الماضي.
ولكن الأمور لم تسر مع الشاة كما يجب فقد أدى تحالف ألبا زار ( السوق ) مع الملالي في إيران عام 79 19 إلى انتصار الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني والتي آدت إلي إسقاط الشاه نهائيا بعد إعلان إيران جمهورية إسلامية .
ونتيجة للشحن المعنوي والتعبوي والمذهبي و روح الثورة الدائمة,كان النظام الإيراني الجديد بحاجة إلى عدو كي يستطيع الاستمرار بالسيطرة على البلاد والحكم, لهذا أعلنت إيران الخميني في أد بياتها مبدأ( تصدير الثورة) إلى دول الجوار, آي نشرا للمذهب الشيعي وتحريرا للشيعة في المنطقة وانتقام تاريخي من ألسنه ثأرأ لمقتل الحسين بن علي (رض) , وبعد التحرش الإيراني بالعراق, الذي أدى إلى شعور دول المنطقة بالخطر الإيراني , اشتعلت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت إلى ما يقارب الثماني سنوات وكانت أمريكيا تساعد الطرفين في هذه الحرب وتغذيها, فظهرت نظريه (الاحتواء المزدوج) لكلا النظامين العراقي والإيراني(فضيحة إيران جيت) .
وبعد انتهاء الحرب بالتعادل السلبي وبروز العراق كقوة إقليميه يحسب لها حساب في المنطقة , وإعدام العراق للجاسوس من أصول إيرانية البريطاني الجنسية بازفوزت ,واتهام العراق بمحاولة امتلاك قدرات نووية , وتهديد صدام بالقيام بحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج آن هي قامت بضرب أي أهداف عراقية على غرار ما قامت به عام 1980 من تدمير للمفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء .
لقد أدى تضرر العراق نتيجة حربه مع إيران اقتصاديا وانخفاض أسعار النفط والخلافات بين العراق والكويت على نفط حقل الرميله, إلى قيام العراق باحتلال الكويت , ثم حرب تحرير الكويت (عاصفة الصحراء) بقياده أمريكا وتحالف اكثر من ثلاثين دوله منها دول عربيه ,و ظهور التدخل الإيراني بالعراق جليا هذه المرة بالعمل على إشعال نار ما يسمي ب(الانتفاضة الشعبانية) في جنوب العراق في 14 محافظه عراقية ضد الحكومة العراقية التي استطاعت قمع الانتفاضة بتسهيلات أمريكية.
وبعد اتفاقيه( خيمه صفوان ) لوقف إطلاق النار بين قوات التحالف والعراق , الذي خضع إلى عمليات تفتيش واسعة وعقوبات دوليه وحظر جوي, في الحين آلتي كانت إيران تعمل بصمت على تحسين وتطوير و بناء قدراتها العسكرية واقتصادها الوطني , وتستقطب المعارضين العراقيين وتقيم معسكرات لتدريبهم .
كانت أمريكا قد استفادت في حربها الباردة مع ا لاتحاد السوفيتي من المسلمين ( دول وجماعات ) مثل( السني السلفي المتشدد السعودي أسامه ابن لادن) وحرضتهم على مساعده الثورة و( الجهاد ) في أفغانستان, مما أدى إلى القضاء على نظام(بارباك كارمال الشيوعي الكافر في نظرهم) وطرد قوات لاتحاد السوفيتي منها , و بداية النهاية لانهيار الشيوعية فيه وتفككه إلى دول متعددة .
ولكن وبعد آن قام تنظيم القاعدة بزعامة ابن لادن في 11/9/2001 ب( غزوتي نيويورك وواشنطن ) وتدمير برجي مركز التجارة العالمي وضرب البنتاقون , تغير كل شيء وبدا جورج بوش الابن الرئيس الجديد لامريكييا , حربه على ما يسمى بالإرهاب , وأول ما اتجهت أنظاره إلى أفغانستان التي يحكمها نظام طالبان السني السلفي المتشدد والذي يحتضن ويتعاون مع قيادات وكوادر تنظيم القاعدة , قامت أمريكيا بغزو أفغانستان بمساعدة التنظيمات الشيعية الأفغانية ومباركه ودعم إيرانية غير علنية .
وشعر بوش الصغير بنشوة الانتصار على طالبان والقاعدة , فقرر آن يكرر التجربة في العراق لإنهاء حكم الرئيس صدام حسين , بالحجج المعروفة مثل الخطر النووي والكيماوي العراقي على منطقه الشرق الأوسط وإسرائيل , وتهمه تعاون العراق مع القاعدة , وارتكاب مجازر ضد الإنسانية, ورغبته في الانتقام الشخصي حيث كان يقول ( حاول صدام قتل أبى في الكويت ), وبتعاون ودعم من دول عربيه , وتعاون أيراني كامل يدفعه حقد الانتقام الحرب السابقة والأحقاد الشيعية الكامنة تاريخيا , قام بوش بالغزو بدعم عسكري من بعض الدول الحليفة مثل بريطانيا ولكن بدون غطاء دولي للحرب هذه المرة , واستطاعت القوات الأمريكية احتلال العراق في 9/4/2003
وشكلت عوده المعارضين العراقيين في الخارج ومعظمهم من الشيعة ( أحزاب وجماعات وتنظيمات ), والمتعاونين مع الأمريكيين والموالين لإيران , وتعاون شيعي داخلي مع الاحتلال وعدم المشاركة بالمقاومة التي اندلعت ضده ,فاستفادت إيران من الوضع الجديد بالعراق, وقامت بتوسيع نفوذها فيه والتدخل في شؤونه ودعم حلفائها بالمال والسلاح , وتغذيه الطائفية المذهبية والقتل الطائفي وإرسال عملائها لتدريب اتباعها آو القيام بعمليات تصفيه انتقامية ضد مؤيدي النظام السابق ,و التأثير الإيراني على الحكومة العراقية .
والذي أزعج الأمريكان ودول المنطقة , ليس فقط ما تقوم به إيران بالعراق, بل بروز وتنامي الدور الإيراني ودعمها للشيعة في كل المنطقة وموالاتهم لها اكثر من بلدانهم ألا صليه كما قال الرئيس حسني مبارك .و التخوف من هلال شيعي ( ديني ) وسياسي , كان أول المنبهين لخطورته جلاله الملك عبد الله الثاني .
آن أميركا قد عرفت بان جهلها بالتركيبة الثقافية والتاريخية للمنطقة واحتلالها للعراق قد عمل على تغيير التوازن التاريخي الممتد لأكثر من آلف عام بين الشيعة والسنة بالمنطقة , مما شجع إيران ا للعودة إلى شعار تصدير الثورة , ورغبتها بلعب دور إقليمي ,وامتلاك القنبلة النووية, وهذا يؤدي إلى تضرر المصالح الأمريكية ويشكل خطرا كبيرا على حلفائها و على إسرائيل , (تصريحات الرئيس احمدي نجاد) ويعلن بوش دائما انه لن يسمح لإيران بتهديد آمن إسرائيل .
إيران التي لا ترغب بالرضوخ للرغبات الأمريكية و تفضل عدم الوقوع بنفس السيناريو العراقي ,فان هذا يدفع باتجاه آن تقوم أمريكيا بضربه عسكرية ضد إيران و تقضي على طموحاتها النووية, وتعيد التوازن للمنطقة. تؤدي إلى إشعال ثورات داخليه فيها تعمل على تفكيكها واستعاده أمريكيا لهيمنتها عليها .
آما بوادر الضربة فهي واضحة من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين وحلفائهم , تجاه الملف النووي الإيراني , وقرارات مجلس الآمن المتعلقة بذلك , واما محاولات أمريكيا التهدئة بالشرق الأوسط وإعطاء بأرقه آمل جديده لحل قضيه فلسطين المحتلة , إلا لعبه مكشوفة مكرره قبل كل حرب أمريكية في المنطقة , وجولة ديك تشيني بالمنطقة ومحاولة إيجاد دعم وتحريض للعرب على إيران , وما قام به الرئيس الباكستاني برويز مشرف في مؤتمر مجموعه الدول السنية ال12 في باكستان ماعدا إيران, و ما يطرحه من إحلال قوات إسلامية مكان الأمريكية, ما هو إلا تمهيدا لاخراج أمريكيا من ورطتها في العراق استعدادا للضربة الجديدة , وتقديم أمريكا لإسرائيل مئات الملايين من الدولارات لتعزيز قدراتها الصاروخية الدفاعية, ثم قيام إسرائيل بأجراء تجارب على احتمال وقوع حرب جديده بالمنطقة, كذلك قيام الكويت بتخزين كميات من الطعام والمياه ولوازم الدفاع المدني استعدادا ,و تصريحات جلاله الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مع ديك تشيني بعدم موافقته على استعمال الأراضي الأردنية في توجيه آيه ضربه عسكرية لإيران , واستقالة توني بلير تعني عدم رغبته بالتورط في حرب جديده تضر بسمعه حزبه وتؤكد رغبه بريطانيا بالخروج من العراق قبل نهاية هذا العام , وخوف إيران آلتي أدركت البحر السني الذي حولها والذي أغضبه ما يتعرض له ألسنه في العراق لا يقبل الهيمنة الإيرانية على المنطقة ,لذلك قام احمدي نجاد بزيارته إلى دول الخليج لطمأنتهم ومحاولة محو آثار زيارة تشيني وإبداء رغبته في إعادة العلاقات مع مصر , آما أسباب بوش فهو يرغب بالهروب إلى الأمام للخلاص من تورطه بالعراق والخروج من أزمته الداخلية,و الديموقراطيون يرغبون بان ينهي جورج بوش الملف الإيراني قبل استلامهم السلطة بالانتخابات القادمة أي آن هناك توافق ديموقراطي وجمهوري , آما الشرق الأوسط الجديد المعتمد على التقسيم حسب القوميات والطوائف و الذي أعلنته رايس خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في محاولة القضاء على حزب الله الذي (صمد أمام الهجمة الإسرائيلية وابطل نظريه التفوق الإسرائيلية وخلق مشكلات داخل إسرائيل التي اعترفت بالهزيمة ), فان نجاحه يعتمد على ضرب الرأس إيران مما يساعد في السيطرة على الموالين لها في المنطقة ( حزب الله وسوريا والشيعة في العراق والمنطقة ) .
وأخيرا هل تستطيع إيران خلال الربع ساعة ألا خيره آن تتخلص من الموقف الذي هي فيه وتتفادى الضربة القادمة بقيامها بالموافقة على صفقه مع أمريكيا كما كانت تفعل حليفتها سوريا التي تجيد اللعب علي إلحافه , وتتخلص من المواقف المحرجة التي تتعرض لها بالوقت المناسب , أتمنى ذلك .....