الإنتحار يُزهق روحًا كل 40 ثانية
هاشم عبدالله الزبن
10-09-2019 01:48 AM
مُعظم الناس عندما يتعرضون للصِعاب اليومية والمِحن الحياتية التي تتراكم وتَثقُل كاهلهم بشكل لا يُحتمل، ولا يجدون مَخرجاً من أزماتهم الوجدانية/النفسية ولا يرون في الأفق الّا الظلام، غالبًا ما يُفكرون بوضع حدّ لحياتهم، ويُقدمون على فعل الإنتحار(قتل الذات كخيار آخير في مواجهة الحالة المُستحيلة التي يُعاني منها الإنسان).
"الإنتحار" كلمة ما زالت (في مُجتمعاتنا) تُحاط بهالةٍ من الخجل والتغاضي والإنكار، ولكن مُعدلات الإنتحار (في العالم أجمع وليس في بلداننا العربية فقط) تُخبرنا بأننا أمام ظاهرة إجتماعية خطيرة لا يُمكن السكوت عنها، أو إنكارها وربطها بأمور أخلاقية/دينية...الخ
ففي الأردن وخلال عاميّ 2016 و2017 أقدم على الانتحار حوالي 230 شخص تتراوح أعمار أغلبهم ما بين 18 و 28، وفي العام الماضي (2018) وصل عدد المُنتحرين لـ 142 حالة، بحسب تقارير مديرية الأمن العام.
والسبب الرئيسي وراء عمليات الإنتحار (في الأردن) هي الأمراض والإضطرابات النفسية والعقلية تلك الأمراض التي ما زالت لا تُعامل بجديّة، بل تُعامل كخطيئة/فضيحة يجب التستر عليها من قبل الأهل(المجتمع)، وكذلك عدم توفر إهتمام حكومي بالصحة النفسية والعقلية في المستشفيات، وفي التعليم المدرسي/الجامعي، والإعلام الالكتروني والعادي .. والإنكار لا يعني سوى مزيدًا من الضحايا، وإغماض العينين عن رؤية شيء ما لا يعني عدم وجوده إطلاقا ً..
ما هو الانتحار ؟
بحسب عالم الإجتماع "إميل دركايم" فإن الانتحار يعني: كل أشكال الموت الذي ينتج مباشرة أو غير مباشرة عن تصرف سلبي/مُتعمد، تقوم بهِ الضحية وهي تعرف نتيجة فعلها سلفًا.
والإنتحار هو فعل تم التخطيط له، وقد تهيأت الظروف لإتمام القيام به، وبطبيعة الحال هو ليس نتيجة لعدم الإيمان بالله أو مسّ الشياطين وما إلى ذلك، بل له أسباب واقعية تتعلق بالواقع الاجتماعي والصحي النفسي والعقلي والجسدي،
فهل للتوعية بالإنتحار وكيفية التعامل مع الحياة بطريقةٍ عقلانية وتقديم العلاج السلوكي والدوائي بسهولة للمرضى (غير الجسديين) وتوضيح أسباب الإقدام على الإنتحار كتردي الأحوال الاقتصادية وإنتشار البطالة والمُخدرات ووضع الحلول المُناسبة لها قد تُقلل أو تُنهي تمامًا حالات الإنتحار؟؟
العاشر من أيلول/سبتمبر هو اليوم العالمي لمنع الإنتحار، وقد قامت منظمة الصحة العالمية وبالتزامن مع يوم منع الإنتحار في عام 2016م، قامت المنظمة بنشر تقرير يُفيد بأن نسب الإنتحار عالميا وصلت لـ 800 الف شخص (في أقل تقدير) ينتحرون كل عام، وهذا يعني بأن هُناك شخص يُقدم على الإنتحار كل 45 ثانية تقريبا !!
وهذا يعني بأن "الإنتحار" صارَ مُشكلة صحية عامة، تستدعي بذل جهود أكثر جدية في مجاليّ التوعية والعلاج.. وعدم التغاضي عن أسباب الإنتحار، والإهتمام بالصحة الجسدية والنفسية لجميع المواطنين دون تمييز وحرمان، والإعتراف بالمشاكل الإجتماعية والنفسية، كالإكتئاب والعُنف الجسدي والجنسي والنفسي، والإبتزاز بشتى أشكاله، والبطالة والفساد والظلم الاجتماعي، والتحرش الجنسي..
سيكولوجية المُنتحر..
أفكار تزدحم وتضطرب في رأسه، تُحاصره تماما، ويواجهها وحده، ولا يتجرأ على الحديث عنها، لأنه يخجل من أنه قد يبدو "ضعيفا" للآخرين.. قد لا يفهمونه.. قد يسخرون منه.. والأفكار الانتحارية ليست بالضرورة فكرة العنف الذاتي.. قد يُمارس الشخص الإنتحار بإساليب وطُرق شتّى؛ كتعاطي الكحوليات والمخدرات بإفراط أو يقوم بجريمةٍ ما بحق الآخرين..
لمواجهة تحديات وصعوبات الحياة اليومية لابد من وجود "إتزان نفسي" لدى الإنسان، يسمح له ذلك الإتزان بالصمود النفسي وعدم الشعور باليأس، ولكن كيف للإنسان أن يُحافظ على ذلك الإتزان ؟؟
هذه بعض الطُرق للحفاظ على الإتزان النفسي:
-لا تكبت مشاعرك (السلبية قبل الإيجابية) وتحدث بما تريد وما ترى لصديق يسمعك جيدًا أو لأحد أفراد العائلة، أو لأخصائي نفسي..
-مارس العبادات بروحانية أكثر،
-ذكّر نفسك دائمًا بالأمور الرائعة/الجميلة التي حدثت أو ما زالت تحدث في حياتك..
-مارس هواياتك/ وأستغل مهاراتك،
-إسترح من كل شيء يستهلك طاقتك، "وخُذ قسطا من الراحة" دائما..
-متى آخر مره تنفست بها ؟! جرّب الآن خذ نفس عميق وأسمع لصوت الشهيق،
-أحمِ نفسك من الخطر.. ايّ خطر.
-لا تخجل من ضعفك...