قد يكون من حق أو واجب الجنرال يحيي رحيم صفوي, القائد العام السابق للحرس الثوري الايراني المظفر, أن يعتبر خامنئي ولي الفقيه بمثابة خليفة المهدي المنتظر, باعتبار أن هذه المسألة جادة وﻻ تقبل المزاح, لكن المزاح العجيب الغريب والثقيل, أن يؤكد هذا الجنرال أن جبهات حرب ايران كانت مواقع لنزول المدد اﻹلهي, وأن القوات اﻻيرانية حظيت بهذا المدد في حربها مع العراق, وهو يتمنى لو جاء منكرو المدد اﻻلهي, ليشاهدوا بأم أعينهم نزوله في الجبهات، ويؤكد أن ﷲ كان يدعم جنوده اﻻيرانيين في تلك الحرب, والأعجب أن يعتبر أن سقوط اﻻتحاد السوفييتي السابق, كان أيضاً مدداً إلهيا للايرانيين, وذلك نتيجة لدعم موسكو للعراق, ويواصل لافض فوه قائلاً, إن ارتفاع عدد القتلى في صفوف القوات اﻷمريكية في العراق وافغانستان، هو انتقام إلهي ( لدماء الشهداء اﻻيرانيين) .
الجنرال الصفوي الذي كان تولى قيادة الحرس الثوري لمدة عشرة أعوام, يمتلك الحق في التنظير لولي نعمته, أو ولي الفقيه, وأن يعتبر أن الفضيحة ستكون مآل من يقف ضد وﻻية خامنئي ، وأن شعارات هؤلاء سوف تفضحهم, ﻷن ولي الفقيه في الفكر الشيعي الخاص بالجنرال هو خليفة للامام المهدي المنتظر, ولاننا نعترف أننا لسنا خبراء في الفقه الشيعي فاننا نحيل الصفوي على العديد من علماء الشيعة الأجلاء الرافضين لفكرة ولي الفقيه التي اخترعها آية ﷲ نراقي في القرن الثاني عشر الهجري، ونعرف جميعاً أن هناك خلافات فكرية عميقة في المذهب الشيعي حول وﻻية الفقيه وصلاحياته.
لكننا ودون ضرورة التبحر في الفقه الشيعي, نستطيع مناقشة الجنرال في خزعبلاته حول المدد الإلهي, الذي نعرف أن آخر العهد به كان في غزوة أبرهة الحبشي لمكة – على ما يذكر القرآن – وأن جنود الله التي لم يرها حتى المكيون آنذاك لم ينزلوا مرةً ثانيةً, وأنه على فرض أنهم ناصروا الجيش الايراني في حربه مع العراق, فان السؤال هو لماذا لم ينتصر هذا الجيش في كل تلك المعارك انتصاراً مبيناً, ولماذا شعر الامام الخميني أنه يتجرع السم وهو يوافق على وقف إطلاق النار مع العراقيين, وكأني بالجنرال يعترف, ويحاول إقناعنا, أنه حتى مع وجود المدد الإلهي المقاتل إلى جانب الجيش الإيراني, فان الجنود العراقيين صمدوا حتى أشعروا الخميني بأنه كمن يتجرع السم, وفي هذا تطاول على القدرة الإلهية وانتقاص من قيمة مددها الذي تمنى الصفوي أن نكون في ساحة المعركة لنشاهده بأم العين.
الأنظمة المعتمدة على الغيب التاريخي, , وكذلك على الأساطير العصية على الفهم, مثل نظام الملالي في ايران تتعمد الإغراق في تغييب العقل, في قضايا تحظى بالشعبية, كما هي قضية الحرب الظالمة المجنونة بين العراق وإيران, وهي التي يرى فيها الشعب الإيراني أنها حرب بين الحق والباطل, فيضرب جنرال كالصفوي على هذا الوتر, ليقنع شعبه بقضايا أخرى يعرف هو مسبقاً أنها غير مقنعة ويعتمد في ذلك للأسف على المدد الإلهي