على القاعدة المعروفة لكل ذي بصيرة, أَن لا حلّ عسكرياً للحرب اليمنية المُتمادِية فصولاً دموية وخراباً عميماً ومجاعة شملت مساحة اليمن منذ خمس سنوات تقريباً.. جاءت التسريبات الصحافية الاميركية اولاً (وول ستريت جورنال) عقبها إعلان رسمي بأن إدارة ترمب تُجري مُباحثات مع حركة انصار الله (الحوثيون), لتنعش الآمال بإمكانية حدوث اختراق في جدار هذه الحرب الكارثية, التي لم تحظَ باهتمام عربي او دولي منذ البداية، ما أدى ضمن أمور اخرى، إلى تفاقمها ودخولها خطوطاً حمراء, ما كان لأحد ان يجتازها لو اجتمعت ارادات دول إقليمية و?ُخرى دولية, للحؤول دون مواصَلتها او أقلّه توفير الدعم السياسي والدبلوماسي لجهود مَبعوثي الأمم المتحدة لكنهم استقالوا او استُقيلوا (جمال بن عمر واسماعيل ولد الشيخ), فيما يواصل البريطاني غريفيث مهمته بصعوبة, وإن ما يزال يتعرّض لوابل من نيران الاتهامات بالانحياز لهذا الطرف او ذاك.
ردود الفعل على الإعلان الاميركي المفاجئ في توقيته, وخصوصاً ما استبطَنه من «اعتراف» بحركة انصار الله, كطرف رئيس من المعادلة اليمنية المُهتزّة والمتصدِّعة والمرشَّحة لمزيد من الانقسامات الأُفقية والعامودية, حتى في صفوف من إعتُبروا حلفاء بدلالة ما يحدث في جنوب اليمن, والتصريحات التي أطلقها ويطلقها فريق الرئيس هادي, الذي كاد يُطاح أو ما يزال فريق يُناصِبه العداء يسعى الى ذلك، نقول: ردود الفعل على الإعلان الاميركي إجراء مفاوضات «سِرّية» مع حركة أنصار الله, بدت مُتناقِضة وحذِرة وبعضها مُرتبك يقول الشيء ونقيضه، ف? محاولة لإبقاء الغموض على مواقفه الحقيقية, التي قد يكون أُجبر على اتخاذها وانخراطِه في مباحثات مع حركة واظَب على اعتبارها حركة انقلابية, ودائماً اعتبارها «عميلة» لإيران, تخدم مشروعها الإقليمي العابر لعواصم الاقليم العربي على ما يقول هؤلاء.
من بين ردود الفعل اللافِتة رد فعل حركة انصار الله الحوثية والحركات والاحزاب المؤيدة لها, والتي أبدت تشكّكاً في دوافع واشنطن من وراء إعلانها الدخول في مفاوضات معها لِهدف مُحدّد هو: التوصُّل لاتّفاق «مقبول بين الطرفَين»..لإنهاء الحرب. تصريح أطلقّه مساعد وزير الخارجية الاميركية للشرق الادنى ديفيد شينكر من السعودية, ما عنى ضمن امور اخرى موافَقة سعودية أو أقلّه ان الرياض لم تكن مُتفاجِئة من موقف كهذا, مُرشَّح للتدحّرُج وصولا الى مفاوضات جادة, قد تتكلّل بإعلان وقف لإطلاق النار, والبدء ببناء خطوات ثقة بين الاطراف?ذات الصِلة وليس مُجرّد «طرفين» على ما قال المسؤول الأميركي.
رد فعل حركة أنصار الله كانت حذِرة ومُتشككة, وبخاصة اعتبارهم واشنطن ليست وسيطا بل طرفا في الحرب, لكن ذلك – في ما نَحسب – لن يكون عائِقا لِجلوسهم إلى طاولة مفاوضات تستضيفها العاصمة العمانية مَسقَط, رغم التجربة الفاشِلة التي حاولتها إدارة اوباما, وقادها رئيس دبلوماسيتها كيري, لكنها – إدارة اوباما – كانت في وضع القطة العرجاء, «ورحيلها» كان «امنية» عديد من عواصم المنطقة, وجاء ترمب والحَرب تواصَلت كما هو مَعروف.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي