وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، هكذا أرى الحال حينما يقفز من قاع الألم كل الوجع الذي نعاني منه اليوم بمعنى أننا في هذه العتمة التي تأخذ الأردن شرقاً وغربا نفتقد بدرها "هزاع" الذي مضى على استشهاده ما يقارب ستون عاماً.
لقد بكت الأردن هزاع من شمالها إلى جنوبها في يوم استشهاده، بكاه الأطفال والصغار والشيوخ والكبار لأنه فقيد حقيقي كان يعيد الأمور إلى سكتها حينما تنحرف عن جادة الصواب، كان ملاذاً بعد الله للمواطنين حتى يأخذوا حقوقهم ، ويردع الظالم ليكف عن أذى الناس، ويدافع عن الأردن لأنه كان يراه بيته وقلبه على عكس ما نراه اليوم حيث يعتبره البعض مزرعة ينهب خيراتها دون أن يقدم إنجازا واحدا .
دافع هزاع عن الناس وعن حقوقهم في البرلمان وكانت رسائلة مشهورة في هذا الباب وقدم ملاحظات كثيرة بخصوص بناء البلد وتجنيبها الكوارث، كان هزاع عنيدا في مواجهة الفساد والخراب يقول للفاسد فاسد ولم يحد عن هذا النهج حينما أصبح رئيسا للوزراء، فكان مكتبه مفتوحاً للخاصة والعامة يستمع للشكاوى عيانا وينهي نهاره لحل قضايا الناس بصورة تامة.
واجه هزاع العالم بجراءة غير مسبوقة لأنه كان يرى الأردن وطنه وعليه الدفاع عن قضاياه حتى قدم نفسه عندما تسلل المجرمون إلى مكتبه وزرعوا الموت هناك لينتقل هزاع شهيداً يذكره الأردنيون بكل فخر واعتزاز لأنه استشهد شريفا نظيفا طاهر القلب والوجدان.
رحل هزاع عن هذه الدنيا الغرور لكنه حفظ البلد ووجه بوصلتها نحو خيار البناء والتقدم وليس نحو خيار التدمير والفساد.
هكذا علينا أن نتذكر الشهيد هزاع المجالي وأن لا ننساه في مثل هذه اللحظات التي اختلط بها الحابل بالنابل عندما أصبح الفاسد يكرم والشريف يستبعد .
هكذا نقول بين يدي هذه الذكرى وبين يدي هذا الرجل الذي مضى جسدا ولكنه زرع فينا إرثا كبيراً تفاخر به حينما نستعرض فصولا من التاريخ.
رحم الله الفقيد الشهيد أبا أمجد الذي كان حقا مدرسة للنقاء والشرف وعزاؤنا في أبنائه الطيبين أمجد وأيمن وحسين وسمو الأميرة تغريد وزين الذين ساروا على نهج والدهم في التواصل مع الجميع دون استثناء في هذا البلد الطيب.