النخوة «حكومية» والجرحى «اسرائيلية»
ماهر ابو طير
03-11-2009 04:51 AM
تهرع الحكومة ، عبر وزيري الصحة والداخلية ، من اجل سياح اسرائيليين تعرضوا الى حادث سير ، وجرح فيه بعضهم ، بطريقة تفيض بالمبالغة.
يأتي الهرع الحكومي في الوقت الذي تتلكأ فيه المستشفيات الحكومية في فحص من يشكون باصابتهم بأنفلونزا الخنازير ، فيضطر الناس ان يذهبوا الى المستشفيات الخاصة التي تنهبهم بأجور مرتفعة ، فلا ترحم احدا ، لان هذا موسم القطاف ، وموسم الفائدة والمنفعة ، ويقع حادثا سير في منطقتين مختلفيتن تسفران عن عشرات الجرحى ، والقتلى ، فلا نسمع مسؤولا ، زارهما ، ولا اطمأن عليهما ، باعتبار ان الموت في الاردن ، يعد امرا عاديا ، وحوادث السير جزء من وجباتنا اليومية.
لم يكن تصرف الحكومة موفقا ولا حكيما ، فهو يأتي ايضا في عز التحرش السري الاسرائيلي بالاردن ، وفي عز التحرش بالمسجد الاقصى والقدس ، ويأتي ايضا ، في عز التوتر الاردني الاسرائيلي غير المعلن. السؤال هو ما هي رسالة الحكومة. هل تريد اظهار مسحة من التحضر والرقي ، ولماذا لا يحصل المواطن الاردني على ذات المعاملة من حيث النخوة والفزعة ، في شؤونه المختلفة ، انها مفارقة كبيرة فلا يمكن تبريرها ، خصوصا ، ان اجهزة الحكومية باتت مشغولة اما بتيه الاسرائيليين المتعمد في مناطق جنوب المملكة ، واما بحوادث سيرهم ، ولو حسبنا كلفة الانفاق على قصصهم ، لاكتشفنا اننا ننفق عليهم ، ولا نستفيد شيئا من طلاتهم البهية.
لم تكتف الجهات الرسمية ببث الخبر ، حول النخوة ، بل ارفقت به صورة ، لتقول للعالم اننا لا نقصر مع احد ، وكأننا سمنضي عمرنا في اثبات اننا اهل السلام والوئام ، وكأننا نخشى ان يقال ان الحادث مدبر ، فيتم اغلاق الابواب على الاحتمالات غير الصحيحة ، بفزعة حكومية ، وكأن زلزالا ضرب المملكة ، وكأن حادثا مروعا وقع. هي ذات الذهنية ، التي جعلت حكومة سابقة ، ترسل من ينقذ السياح خلال ثلجة شهيرة ، وتركت الاردنيين على الطريق الى جنوب المملكة ، أليست هذه هي قمة العجائب ، وقمة عدم الاهتمام بالانسان الاردني ، وجعله في نهاية سلم الاهتمام والاهتمامات في هكذا سلوكيات ، متوارثة عبر الحكومات ، تؤشر ايضا ، على ان الحكومات تستثقل من هموم المواطن وقصصه ، رغم انه الامين على بلده ، وهو سره وحاضره ومستقبله.
ندعو الله ان لا تلدغ بعوضة سائحا اسرائيليا ، حتى لا يتم اتهام الاردن بأنه السبب ، وقد تعقد اي حكومة مستقبلية جلسة طارئة ، من اجل معالجة البثور على وجه سائح ، لاظهار الطيبة العربية ، وان الاردن الطيب المتسامح ، هو الذي يهرع لاجل اي احد اخر ، عدا مواطنيه ، في مشهد يؤشر ، على مدى غياب الاولويات ، في هذا الزمن الذي لم نعد نفهم فيه شيئا ، ولم نعد نعلم على اي اساس نقيس التصرفات.
سياح اسرائيليون لا نعرف ماذا يفعلون ويشغلون اجهزة الحكومة ، وننفق عليهم ، بدلا من انفاقهم ، من الاولى منعهم من دخول الاردن ، وان تتفرغ الحكومات قليلا لاجل المواطن الاردني.
mtair@addustour.com.jo