يوميات أبو نافز (6) .. عودة سلمان
عرار الشرع
06-09-2019 09:11 AM
افترشا أرض نفس الخيمة، ورحلا في ذات الطابور عن قريتهما في (سنة الهجة)* وكبرا في المخيم معا قبل أن يغادر سلمان إلى الولايات المتحدة على متن باخرة انطلقت من ميناء بيروت، يومها بكى أبو نافز كما لم يبك من قبل ومن بعد، فتوأم روحه غادر وقد لا يراه بعد اليوم.
خاطرة مرت حلم يقظة على أبو نافز وهو جالس على عتبة بيته كالعادة، الدموع عادت بعد نحو ستين عاما على مغادرة سلمان.
ستة عقود لم ينس أبو نافز سلمان فالمغترب ظل طوال هذه المدة حريصا على التواصل مع صديق عمره، بالرسائل والتلفون الأرضي بالأمس، وبالسكايب والواتس آب وغيرهما اليوم، والسعة التي بات فيها سلمان لم تنسه صديقه، وكان حريصا على الوقوف إلى جانبه فرحا وترحا، ولم يتركه لأنياب الفقر، فكان دوما يساعده حتى دون أن يطلب، وفاء نادر لم ينسه أًبو نافز.
ووسط لحظة التأمل رن هاتف أبو نافز فأيقظه من حلمه، وإذ بسلمان على الجانب الآخر يخاطبه: وينك يا ختيار الجن، أجاب ابو نافز بلهفة، سلمان والله انك ابن حلال هسا* كنت على بالي، ليجيبه صديقه طب فز* على حيلك أجاك ضيوف، تلفت أبو نافز يمينا وشمالا فرأى سلمان بذات الهيئة كأنه غادر بالأمس، وكان العناق والدموع.
شو جابك بعد هالغيبة؟ سأل أبو نافز، فأجاب سلمان أًن بناته أصررن على زيارة فلسطين، وأجبرنه على مرافقتهن رغم رفضه المتكرر فهو حلف ألا يدخلها محتلة لكنه فعل، وغادرها بعد أقل من يومين وبقيت بناته (الأميركيات) هناك.
بادره ابو نافز بالقول: بديش أعرف إشي عن أميركا، بدي توصفلي البلاد.
تنهيدة عميقة وغصة وزفير اشبه بالريح العاصفة صدرت عن سلمان، ولم يكد ينطق حتى خرجت أم نافز بصينية الشاي المسائي، وما كادت تحول نظرها إلى الضيف حتى صرخت: سلمان! وأغمي عليها.
"نسيت أن أخبركم أن سلمان شقيق أم نافز".
وللقصة بقية
• سنة الهجة: اللجوء الفلسطيني 1948
• (هسا): الآن
• فز: انهض، قم