كان المعلّمون في غابر الزمان، ذكوًرا وإناثًا أساتذةً، وشُعلةً تُنير طريق الجُهلاء، ونبراسًا يَمحو أُمية الناس.
كان المعلّمون في ماضي الأيام يحرصون على بناء أجيالٍ متنوّرةٍ عالية الهمة متميّزة الثقافة، وكانت القناعة عنوانهم والضمير الحي المسؤول هاجسهم، ومصلحة طلابهم في التعلّم من أولوياتهم، كانوا يمتازون بالهيبة الممزوجة بالحزم، وباللين المُطعّم بالشدة ! كانوا ليّني الجانب من غير رعونةٍ أو مطمع.. وكان لهم ما لغيرهم من حقوق وعليهم فوق ما على غيرهم من واجبات، فقط وبالمختصر لأنهم بناة وطن وحُرّاس مهنةٍ نبيلةٍ شريفة.
وأكثر من ذاك كانوا يعلّمون الطلبة من نعومة أظفارهم وحتى نهاية سنوات الدراسة النظام قبل المعلومة والخلق الحسن قبل الشهادة، ويساهمون في تربيتهم علاوة على تربية اسرهم أدب التعامل وحلاوة الإنتماء للوطن، لم يكونوا يخشوّن أولياء الأمور مهما علا شأنهم أو انتفخت جيوبهم ولم يكونوا يجاملون كُسالى الطلبة من أغنياء الأسر طمعًا في نيل الرضى أو «استضافتهم» في البيوت بدروس خصوصية مدفوعة الثمن، كانوا يحاسبون على الهمزة إن وضعت في غير مكانها وعلى أل التعريف التي نفتقدها والضاد ذات العصا والذال التي أصبحت تُلفظ «زينًا».
لم يكن معلمو ذاك الزمان المنصرم يتذمرون من نصيبهم في الحصص إن زادت عن عمّا هو مقرر لهم في الخطط الدراسية لأنهم «كادوا ان يكونوا رسلا»، وكانوا «ويا كُثر ما كانوا» يؤدون وبطيب خاطر واجباتٍ عن زملائهم عند الحاجة اليهم دون أن يسألوا ادارات المدارس عن عمل اضافي او أجر بدل حصص زائدة.
كانوا حسب ما تُمليه عليهم تعاليم دياناتهم الاسلامية والمسيحية أولياء أمور الطلبة في مدارسهم لأنهم أمانة جليلة في أعناقهم.
.. وكانوا لا يتقاضون إلاّ رواتبهم وعلاوة غلاء المعيشة ولم يعرفوا أو يسمعوا بما يُسمّى بالحوافز الأُخرى.
الرأي