ماذا لو تقرر جمع وتدوين واصدار مذكرات حابس المجالي؟
د.بكر خازر المجالي
05-09-2019 09:28 PM
حابس صولجان الاردن
وهناك فرق بين ان نقول " رجال " ونقول " شخصيات "
كل المحاولات مع ابو سطام رحمه الله فشلت في اقناعه بأن يدون مذكراته ،او حتى ان يكون معه لقاء صحفي او تلفزيوني ، وهناك القليل القليل مما كتب كبرقية او ذات مرة مقال في جريدة الرأي ،وكتب مقدمة لاحد الكتب التاريخية (كتاب لورنس وجهة نظر عربية ) لمؤلفه المرحوم سليمان الموسى .
ولكن يتحدث ابو سطام احيانا في جلسات خاصة محدودة عن بعض المواقف ،و ما يُروى عنه ايضا هو قليل ،ولكن هناك من شهود العيان الذين خدموا معه ورووا مواقف بطولية تتسم بالشهامة والجرأة في اتخاذ القرار والشجاعة التي هي من الصفات الفطرية المتأصلة في حابس باشا ، ومواقف مصيرية في حالات كان الاردن سيكون او لا يكون فيها .
يحمل تاريخ الاردن السياسي والعسكري الحديث الكثير من المعلومات عن مواقف شخصيات ( ولا استخدم صفة رجال لأن البعض لا يستحق هذا اللقب ) هذه الشخصيات التي ابدع بعضها في مواقف رجولية كانت حصنا منيعا لهذه الدولة وسندا للقيادة الهاشمية ، وهناك ما هو على العكس تماما ، ويبرع البعض بتزيين مواقف عادية وتعظيمها للتلميع وغير ذلك لشخصيات كانوا في اكثر من مرة يحزمون حقائبهم لمغادرة الاردن .
في قراءة مذكرات الامير زيد بن شاكر، هذا الرجل الوطني الهاشمي ، ما يجعل المرء يدرك ان هناك صفحات مطوية من تاريخنا الوطني ومن تاريخ الرجال وليس الشخصيات ، وهناك حادثة ورد ت في المذكرات حين كان الجيش الاردني على حافة التمرد او الانقسام خلال احداث ايلول لغياب القيادة التي عليها ان تتخذ القرار الحاسم ،وكانت الاتهامات تنطلق للقيادات بالعجز عن اتخاذ قرار ينقذ الاردن ، وذات يوم واجه المغفور له الحسين جيشه الغاضب والذي خرج عن صمته وهم غاضبون ويعبرون بكلمات قاسية عن الحالة التي وصل اليها الاردن ، وكان معه حابس باشا وبحضور الامير زيد وعندما ادرك الحسين حراجة الموقف ودقته وخطورته طلب من حابس باشا ان يخاطب الجنود ، وهنا اقتبس من مذكرات الامير زيد هذا النص : "
وعندما بدأ الحسين بالحديث عن المصالحة"؟"، خرج أحد الجنود الصغار، بدرجة عريف، وقال كلاماً قاسياً يمس كرامة زوجات ونساء الجيش العربي. فطلب الحسين من المشير حابس المجالي، الذي كان برفقته رغم عدم عودته رسمياً بعد إلى الجيش العربي، أن يخطب بالحضور، فقال حابس: «أيها الجنود لقد كتب الله علينا أن نخوضها، وسنخوضها بإذن لله». فنزل وهم يهتفون باسمه: «أبو سطام بدنا نطلع على عمان». حينها أدرك الحسين تماماً أن التأخير أكثر يعني انهيار انضباط القوات المسلحة ومؤسسات الدولة الوطنية" انتهى الاقتباس
كانت كلمات حابس باشا هذه بحجم الدولة الاردنية باكملها ، وكانت نقطة التحول بين التمرد والانقسام في صفوف الجيش الى حصول الوثبة والتوحد في مواجهة خطر فصائل الشر المارق الذين اسقطوا فلسطين كأولوية نضالية ووجهوا بنادقهم الى صدر اهل الاردن ، كانت مواقف حابس باشا مواقف البطولة التي انقذت الاردن في احداث ايلول ، وكذلك انقذت القدس عام 48 من الاحتلال يومها وكان صمود الكتيبة الرابعة في اللطرون وباب الواد هو صمود الاردن نيابة عن العرب .
اكثر من مرة عندما يسأل حابس باشا :لماذا لا تكتب مذكراتك ؟ كان جوابه في شقين : كان يقول انا بطل والناس تكتب عني (وهذا سمعته انا شخصيا منه ) والشق الثاني كان يقول وهو يتنهد ويتأمل مطرق الرأس " لو بدي احكي لاقلب الدنيا عاليها سافلها "
حابس باشا في حضرة تدوين المذكرات لشخصيات متعددة نجده هو العامل المشترك للعديد من روايات التدوين ، ونجد انه البطل العابر لكل حوادث المحن والمشقات والصعاب وكان هو صولجان الاردن بلا منازع .. اكتفي وفي الجعبة الكثير الكثير .