نسمع العديد من التصريحات والتغريدات والتعليقات التي تحمّل “الدولة الأردنية” ويقصد بها الجانب الرسمي مسؤولية فشل السياسات والقرارات، ولكن منطقياً لا يوجد جهة أو تيار أو حزب أو كتلة صلبة ذات وصف سياسي واقتصادي واجتماعي واضح تحكم مؤسسات الدولة الأردنية ويمكنها أن تتحمل المسؤولية أو نلقي عليها المسؤولية أو نحاسبها وبالتالي نحن أمام مئات الجهات والطبقات الحاكمة والشخصيات والتجمعات البشرية والمكونات الاجتماعية التي تتشارك بمصطلح “الدولة الأردنية”.
هذا يقودنا بشكل تلقائي للتأكد من أنّ أي حلول شاملة للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الأردن اليوم لا يمكننا أن نطلبها بالوقت الحالي من جهة أو شخص ما داخل الدائرة الرسمية للدولة الأردنية كما أنها بشكل تلقائي لن تكون أصلاً قادرة على إحداث أي تغيير لأن هناك مئات الجهات (الموجودة حالياً) التي سوف تعطلّها لأنها تحمل وجهة نظر مختلفة أو أنّ هذه الحلول تتعارض مع مصالحها الشخصية أو أنها تنتظر دورها في المستقبل حينما تحصل على الصلاحيات للانقلاب على كل تلك الحلول.
الحلول الشاملة والتي تحتاجها الأردنّ اليوم بشكل حثيث تستدعي أن ندخل الأحزاب والنقابات والكتل البرامجية المختلفة والغرف التجارية ضمن اللعبة السياسية وعدم استبعادها وشيطنة دورها كما هو معمول به منذ عشرات السنوات بحيث تصبح الجهات التي تتخذ القرارات وبنفس الوقت هي الجهات التي يتم محاسبتها ويمكننا إطلاق عليه لفظ أنها تمثّل فعلاً الدولة الأردنية، كما تستدعي الحلول الشاملة أن نكفّ يدّ مئات الجهات التي تحاول أن تتشارك في الحكم بطريقة عشوائية مبنية على المصلحة الشخصية عن طريق خطاب تنوع ثقافي مجمّع لجميع المكوّنات ضامن لأساسيات الحكم الرشيد من عدالة ومساواة وحريّة ومحاسبة.
أكثر وأكبر جهة تقوم بمصادرة الولاية العامة من الحكومة هي مئات الجهات التي تحاول أن تسرق حصّتها من الوطن بدون وجه حق وبطريقة عشوائية وهستيرية، ولا يمكن إيقاف كل هذه الجهات إلا بعد الحصول والشعور بوجود عدالة حقيقية ومساواة حقيقية وحريّة حقيقية ومحاسبة ومراقبة حقيقية ومكاشفة وشفافية حقيقية.
كل ذلك لا يمكن تحقيقه بالوعود والعواطف والخطابات الرنانة بقدر ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع عبر قرارات وطنية جريئة على رأسها إعادة الديموقراطية للحياة السياسية الأردنية عبر قانون انتخاب يقود الأحزاب السياسية الكبرى لأغلبية برلمانية تشكل حكومة ذات برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي بالتعاون مع جيش المتقاعدين العموميين الذي عليه أن يقوم بدوره بإحداث ثورة بيضاء تقوم بكشف كافّة الثغرات القانونية والإجرائية داخل مؤسساتنا الوطنية ووضع النقاط على الحروف بخصوصها عبر لجان وطنية مشكلة لهذه الغاية على مساحة الوطن الحبيب.