نأمل من احد وزراء الخارجية العرب الذين يعتقدون ان فرص تحقيق السلام ما زالت متاحة ومتوفرة , والذين يعرفون عنوان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون, او رقم هاتفها المحمول او »الايميل« خاصتها ان يتصل بها ويسألها باسم كل العرب: » ما هي التنازلات غير المسبوقة التي قدمتها اسرائيل«.. والتي اعلنت عنها وثمنتها واعجبت بها الوزيرة الامريكية حسب تصريحاتها الاخيرة المستهجنة والمرفوضة والتي تعبر بصراحة مطلقة عن حقيقة الانحياز الامريكي الى جانب اسرائيل...
هذا الموقف الامريكي يدفعنا الى الشك, بل الاعتقاد بان المحافظين الجدد, بالتعاون مع اللوبي اليهودي, نجحوا في اختطاف القرار في واشنطن, واجبروا الادارة الامريكية الى التراجع خطوتين الى الوراء, والتنصل من الوعود السابقة, برعاية جادة للمسيرة السلمية في المنطقة, وادخال المنطقة في دوامة التوتر ومتاهة جديدة, وتقويض فرص السلام وهو ما حذر منه الملك عبدالله الثاني خلال لقائه الرئيس المصري حسني مبارك, حيث حذر من النتائج الكارثية المترتبة على تفويت فرصة تحقيق السلام على أمن واستقرار المنطقة...
نحن نعرف ان حال الرئيس اوباما اليوم ليس افضل من حال الرئيس محمود عباس, بسبب ضغط اللوبي اليهودي والموقف الاسرائيلي, وهو الواقع الذي فرض على »ابو مازن« ان يتمسك بشرط وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات, والحقيقة ان هذا الموقف جاء متأخرا وعلى الرئيس الفلسطيني عدم التراجع عنه, بعدما اكتشف حجم الكذب الاسرائيلي, وبعد ان ذاب الثلج عن الموقف الامريكي وبانت الحقيقة التي اصابت »ابو مازن« وكل العرب بالصدمة !!
وما نخشاه الان هو موقف ودور وزيرة الخارجية الامريكية لان هذا الانحياز الكلي الى جانب حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة, ومحاولة إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني في فشل العملية السلمية, يدفعنا الى الكثير من الشك, بأنها قد تسعى الى افشال مشروع الرئيس اوباما الذي غرق في مستنقع يزدحم بالمستشارين المشكوك بولائهم واخلاصهم للرئيس ومشروعه مثل مجموعة تماسيح في مياه عكرة, وجلهم من المحافظين الجدد والجمهوريين والصهاينة..
قلنا ان موقف وزيرة الخارجية لا يثير الارتياح بل يعقد الامور في المنطقة اكثر,
ويلقي ظلالا من الشك, خصوصا اننا نعرف بان التاريخ الامريكي يزدحم بالامثلة والبراهين, فقبل 200 عام مثلا, في عهد الرئيس جيمس ماديسون »ابو الدستور« الامريكي عمل نائبه جورج كلينتون من نيويورك ايضا ضد مشروعه وتعاون مع المعارضين في الكونغرس ورجح كفتهم ضد الرئيس ماديسون واسقط مشروعه.
ومن يراقب ويتابع اداء الادارة الامريكية الجديدة يستغرب هذا السلوك المتمثل بالتراجع والتردد والضعف, لذلك نعيد الى الذاكرة ما قاله الرئيس اوباما في خطابه بجامعة القاهرة عندما استشهد بما جاء في القرآن الكريم »اتقوا الله وقولوا قولا سديدا«. ونحن نطالب الرئيس اوباما ان يلتزم بوعده, ونطلب من وزيرة الخارجية ان تتقي الله وتقول قولا سديدا, ونذكر الرئيس الامريكي بانه القائل بالنص والحرف: »ان الولايات المتحدة لا تقبل مشروعية استمرار المستوطنات الاسرائيلية. ان عمليات البناء هذه تنتهك الاتفاقات السابقة وتقوّض الجهود المبذولة لتحقيق السلام. لقد آن الاوان كي تتوقف هذه المستوطنات«.
انتهى الاقتباس من خطابه في القاهرة...
والرئيس اوباما هو الذي طلب تنفيذ الالتزامات التي وافق عليها الجميع بموجب خارطة الطريق التزامات واضحة«.. وعلى ذكر خارطة الطريق فانا اطلب من وزيرة الخارجية الامريكية ان تعيد قراءتها وستجد ان في المحطة الاولى من المرحلة الاولى في مشروع خارطة الطريق ما ينص على: »تجمد الحكومة الاسرائيلية جميع النشاطات الاستيطانية بما يتوافق مع تقرير ميتشل وبما يشمل النمو الطبيعي للمستوطنات«... وهناك بند اخر في المحطة الثانية من المرحلة الاولى ينص على »تفكيك الحكومة الاسرائيلية المستوطنات التي تم انشاؤها منذ قيام الحكومة الاسرائيلية الحالية وبما يتماشى مع مبادئها..«
بعد كل ذلك نقول للرئيس اوباما ولوزيرة خارجيته وكل مستشاريه ان يعيدوا قراءة النص الكامل لخطابه في جامعة القاهرة ونص خطة خارطة الطريق, وسيجدون ان الموقف الامريكي الراهن مغاير وان تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية يخالف وعود والتزامات الرئيس اوباما وكل ما جاء في نص خطة خارطة الطريق!!
Kawash.m@gmail.com