الملك في مدرسة الحسين: الرسالة والعبرة
د.مهند مبيضين
03-09-2019 02:20 AM
أن يزور الملك عبدالله الثاني حفظه الله مدرسة كلية الحسين في أول أيام العام الدراسي، فهو حدث ليس بعادي، بل هو إعلان واضح من لدُنه بأن الطلبة الذين ذهبوا للمدارس وعددهم يقارب المليوني طالب، هم كما قال معقل الرجاء والمستقبل المنشود، وهم وسيلتنا لعبور الطريق للأردن الجديد وهم جيشه الثاني في معركة البقاء وسط حرائق الإقليم ومهددات الوجود التي تعصف بالمنطقة وكياناتها.
خيار الملك بالذهاب لمدرسة تحمل اسم باني نهضة العرب ومفجر ثورتهم الحسين بن علي له دلالة أيضا، على مكانة المدارس وعلى قيمة العلم وعلى المعرفة التي تصنع قوة الدولة. وفي الخيار إشاره إلى انحياز الملك للإرث الوطني المؤسسي الذي بنته مؤسسة التربية والتعليم.
اما نشيد وطن، الذي أكد على الحمى الأردني وقدسيته والدور الاردني في القدس والسعي نحو التقدم مع كل فجر، فهو رسالة ثالثة نحو الامل والوطن والانجاز، وبالحكمة التي صاغتها التجربة الوطنية.
لقد ارسل الملك رسالة واضحة إلى جميع الأردنيين بضرورة الاهمتام بالعلم والتعليم، والسعي نحو التميز وإداراك التغيير الذي يصنعه العلم في بيوت الوطن، وهي مسلمة حضارية وعتها الشعوب الحية التي تقدمت في معارج التميز والارتقاء.
لقد تميزت مدرسة الحسين أو كلية الحسين في مكانها وزمانها الذي تأسست فيه في عهد الإمارة، وفيها تاريخ كبير للخبرة والنخبة الأردنية التي تخرجت منها، وهي احد أهم معالم الوطن التربوية بالإضافة إلى مدرستي السلط والكرك، لكنها تختلف بكونها مدرسة من بنات العهد الهاشمي في هذا الوطن.
هذا العهد الذي يتجدد بعد اقتراب القرن والمئوية، يزداد اشراقاً وبهاءً برغم كل التحديات التي تمر بها البلد، وهو عهد المعرفة والتعليم الذي اسهم به الاردنيون بكل طاقاتهم وكل حماسهم وعزمهم وأنفقوا لاجله أفضل ما ادخروه مما لديهم لكي يدفعوا بأبنائهم نحو الحرية والمعرفة والنهضة.
إن زيارة الملك عبدالله الثاني لمدرسة ذات بعد تربوي أثير في حياة الأردنيين، وبها إرث مستمر هو بمثابة انحياز واضح من الملك لقوة المعرفة التي تصنع قوة الدول، فالمعرفة اقتصاد، وهي التي تخلق رأس المال البشري الذي هو عنوان البقاء للوطن الأردني الذي استجاب لكل التحديات ولم تنل منه ومن عزيمته.
ووسط المليوني طالب هناك نحو مئة ألف طالب سوري وغير آلاف من الأطفال العرب الذي غربوا عن اوطانهم ويقوم هذا الحمى الأردني الهاشمي بواجبه الحضاري والانساني في تدريسهم اسوة ببقية أطفال الأردن، دون مِنة او جميل، فذلك هو العزم الأردني الذي استطال على سائر البلاد العربية فابقى وطننا منيعاً أبياً شامخاً.
الدستور