في الأخبار أن قرية عزوز بمحافظة قنا بصعيد مصر شهدت واقعة مثيرة جدا ، حيث اختطف ستة أشقاء وأبناء عمومتهم سيدة من منزلها وقاموا بتجريدها من ملابسها حتى أصبحت عارية تماماً وطافوا بها شوارع قريتهم أخذاً بالثأر ، التحريات الأولية تقول أنهم فعلوا ذلك انتقاماً من عائلة المختطفة التى قام بعض أفرادها فى وقت سابق باقتحام منزل شقيقة المختطفين وتجريدها من ملابسها وعرضها عارية أمام الأهالي،.
هذه ليست حادثة "الثأر" الأولى في بلادنا العربية ، ولن تكون الأخيرة طبعا ، الثأر يأخذ أشكالا مختلفة في بلادنا ، ابتداء من التعرية ، وانتهاء بالوأد والنحر وربما التقطيع إربا إربا ، والضحية على الأغلب: النساء ، والمستهدف الشرف حفاظا على الشرف،.
كوميديا باكية ، شرف يُنتهك حفاظا على شرف آخر ، كأنما الشرف أنواع وطبقات ، وكأن شرف أختي أو ابنتي أعز وأكرم وأشرف من شرف ابنتك أو أختك أو أمك،.
المشهد مبكْ إلى حد الدم ، ومضحك إلى حد الذبح: أي شرف يُنتقم له؟ شرف العائلة مثلا؟ أم شرف القبيلة ، أم شرف البلد؟ ترى أين شرف الأمة؟ أليس له صاحب يثور من أجله ، ويفور دمه فيتحرك ثأرا له؟ هل يمكن تجزيء الشرف؟ أو هل نقول: شرف عن شرف بفرق؟ من صاحب الفكرة العبقرية(،) بتجريد الشرف القومي مثلا من معناه ، وتقطيعه إلى قطع من الشرف الممزق بين شرف الأسرة وشرف العائلة ، وشرف القبيلة؟.
ترى.. ماذا جنى من جرد تلك المرأة المتعوسة المنكودة من ملابسها ، مقابل تجريد أخرى ، ربما لا علاقة للاثنتين بهذا الجنون؟،.
لماذا لا نقرأ عن رجال فار دمهم ثأرا لاقتحام الأقصى من قبل اليهود مثلا؟ أي شرف للأمة وهي تثور لتعرية امرأة ، ولا تحرك عرقا لجز رقاب أبرياء ، وانتهاك حرمة مقدس؟ من أكثر قدسية: جسدا تلكم المرأتين ، أم جسد الأمة المثخن بالذل والنعال؟،.
الثأر،
ليت هؤلاء الذين يثأرون لقطعة شرف ، أن يثأروا لشرف كامل مهدور تحت بساطير العدو،.
وليت أولئك الذين يقتلون بناتهم دفاعا عن "الشرف" الصغير ، أن يحتجوا بالصوت على الأقل ، دفاعا عن الشرف الكبير،.