facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




هجرنا العشائر .. ثم اهملنا الاحزاب .. فانحسر رجال الدولة وساد الخراب


شحاده أبو بقر
31-10-2009 04:04 PM

في وقت مبكر نسبيا قياسا بعمرنا السياسي كدولة ، استهوتنا فكرة الانتقال بالدولة وبالبلد كلها من دولة العائلة ومجتمع العشيرة الى دولة المجتمع المدني ، وعملنا على انجاز متطلبات ذلك الانتقال بسرعة فائقة دون ان نلتفت حتى الى ان للاردن خصوصية دون غيره من سائر الاوطان ، فالغينا تشريعات العشائرية وانظمتها في ابعادها الاجتماعية واسسنا بدلا من ذلك بيئة اجتماعية قوامها فلسفة المجتمع المدني القائم على الاحزاب والجمعيات والنقابات والاتحادات وما شابه من مراكز وهيئات ومؤسسات ، وبدأنا رحلة الانتقال الاستراتيجي ولكن دون ان نواصل الرحلة، وتوقف بنا القطار في منتصف الطريق لنجد انفسنا في منطقة وسط ابتعدت بنا عما كنا فيه ولم توصلنا الى مبتغانا الجديد ،وانتقلنا من مجتمع الايثار الى مجتمع الاستئثار، ومن مجتمع التكافل الى مجتمع التنافر ،ومن مجتمع التضامن الى مجتمع التناحر ، وتراجع عن مقدمة الصفوف من يستحقون وتقدم الصفوف من لا يستحقون، ولم نعد كما كنا نوقر الكبير ونرحم الصغير ونصل الرحم ونحب الخير لنا ولاهلنا معنا ، وصرنا بدل ذلك نحب المال حبا اكثر من حب جم، ولا يحترم صغيرنا كبيرنا، ويمارس بعضنا صلة الارحام كما لو كانت واجبا وظيفيا قاسيا ، وضعف في نفوسنا الانتماء، وتراجعت في حياتنا قيم الخير والاخلاص والوفاء والنزاهة وشرف الكلمة وعفة السلوك ،وصارت حياتنا نقيض كل ذلك تماما !.

هكذا تبدو الصورة وبعضنا يرى فيها مسيرة مجتمعية رسمية واهلية متطورة تنسجم وروح العصر ومقتضياته بحسب المفاهيم الحديثة للاداء المجتمعي السياسي ، خاصة وقد ساد في حياتنا وما زال ظلم كبير للعائلة والعشيرة كوحدة اجتماعية حملناها المسؤولية كاملة عن امراضنا الاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية ، وجعلنا منها "الشماعة" التي علقنا عليها أس اخطائنا وعجزنا كله ،ثمسارت الايام والسنين ولم نتقدم ابدا صوب ولوج ساحة المجتمع المدني الا نظريا وحسب ، فقد شرعنا قانونا للاحزاب لكننا لم نمتلك احزابا سياسية بالمعنى التقليدي الحقيقي للاحزاب ، وهذا ما انسحب كذلك على خطواتنا باتجاه سائر اشكال ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني !، فقد خالطنا الخوف من التقدم نحو المجهول، ولنا في ذلك وجهة نظر ، وصرنا كمن يحاول ان يقطع النهر ماشيا ، لكن الخوف يملؤه من ان يجرفه النهر الى حتفه !.

اذن ، نحن هجرنا العشيرة واغفلنا دورها وابقيناها على شكل " ديكور " فقط ، ولم ننتقل في الوقت ذاته الى البيئة الحقيقية للمجتمع المدني المتكامل !.

هذا يعني اننا موجودون الان في " المنطقة الحرام " إن جاز التعبير ، فلا نحن مجتمع عشيرة وفق الرؤى السائدة قانونيا وسياسيا وفكريا للدولة ، ولا نحن مجتمع احزاب سياسية وفق الرؤى ذاتها ، بمعنى نحن بمثابة من تنازل طوعا عن " هوية " ولم يحصل في المقابل على هوية اخرى جديدة .
هنا مربط الفرس لما نعاني من من مشكلات اجتماعية وسياسية محلية حسب تقديري ، فقد غاب الدور التقليدي للعائلات والعشائر في انتاج " رجال دولة " حقيقيين معنيين مباشرة بحال البلاد والعباد !، ويعتبرون انفسهم مسؤولين عن مصالح مجتمعاتهم الصغيرة من جهة ، ومصالح مجتمعهم الكبير " الوطن " من جهة ثانية ، مثلما يتحلون بمواصفات وشروط رجال الدولة الصادقين المخلصين المتفانين الذين يكرسون جهدهم ووقتهم وحتى مالهم إن لزم من اجل البلد وتقدمه وحمايته والدفاع عنه .. ولم تتمكن الاحزاب السياسية بصورتها الراهنة في المقابل من سد الفراغ في انتاج ذلك النمط المطلوب من رجال الدولة والقيادات الوطنية الحقيقية .

في ظل هذا الواقع " المنطقة الحرام " نشأت طبقة من السياسيين جلها من المنافقين ومن الرويبضات والطارئين والبعيدين كل البعد عن ممارسة الفكر والانتماء واعداء النجاح وجهلة الاخلاص والمواطنة الصالحة ، وهي طبقة واسعة جدا ولسوء الحظ ، واخذ " رموزها " واعضاؤها مكان رجال الدولة التقليديين الذين كانوا ، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من انسحب من الحياة السياسية حياء وعفة وترفعا عن صغائر الامور ، ومنهم من يحاول " ولكن دون جدوى" ان يجد مكانا وسط زحام الدهماء والنكرات والخواء والمشعوذين والسحرة السياسيين واصحاب المباخر والمنافقين والدجالين والفاسدين وازلامهم واتباعهم وقد غصت بهم الساحات والمساحات، وصارت البلد كما لو انها حكر عليهم وحدهم ، وصارت لهم كذلك تقاليدهم وهم يتعاونون وينسقون ولا يسمحون ابدا لآخرين من خارج نواديهم العفنة بان يأخذ مكانا حتى ولو كان محدودا في العمل العام ، ولا يجد صاحب الشأن غيرهم في الميدان ، فهم يسدون السبل في وجوه الجميع ويصورون البلد كما لو كانت قفارا الا منهم وحدهم قاتلهم الله شر قتال ، فتراهم يشغلون كل المواقع ولا يسمحون لاحد ان يقتحم عليهم " مزارعهم " !.

بصراحة هذا هو واقعنا اليوم والناس جميعها تعرفه وتشخصه بالقول المباشر سواء داخل حجرات مغلقة واحيانا في الهواء الطلق ، وبصراحة اكثر فهو واقع موجود منذ اكثر من عقدين حتى الان ، وهو آخذ في التجذر والتسارع يوما إثر يوم ، وعلى نحو بات يتهددنا وينذر بشر مستطير " لاقدر الله " علينا وعلى بلدنا كله ، بفعل هؤلاء الاشرار الذين لا يعنيهم الا انفسهم ومصالحهم ومن حولهم ، ولقد " استأسدوا " كثيرا وصاروا قادرين " حطم الله قدراتهم " على اقصاء من يريدون وتقريب من يرغبون ، وهم لا يقصون الا الشرفاء ، ولا يقربون الا النكرات الاوغاد ، ويواصلون منهج التجريب في بلد جعلوا منه حقل تجارب وبما يعود عليهم هم وحدهم بالمنافع والمكاسب والمناصب لا متعهم الله في شيء منها ، فهم ليبراليون تارة وهم وسطيون تارة وهم خليط من هذا وذاك تارة اخرى ، والمزاد السياسي لهم مفتوح وبادواتهم هم وحدهم ما دام العامة يتفرجون ويتحسرون ولا يجدون ملاذا بعد الله الا الملك ، ان توفرت لهم فرصة هكذا لقاء .

حال كهذا يجب ان لا يستمر ، حال كهذا يستوجب الحزم والحسم ، وحال كهذا سيفضي بنا الى الكارثة لا محالة ان لم يوقف عند حده ولمصلحة بناء البيئة الاجتماعية السياسية القادرة على اعادة انتاج ذلك النمط الوطني المحترم من رجال الدولة المخلصين لله وللحياة وللوطن والعرش ، ويقينا فثمة فرق هائل بين من يخدم الوطن مخلصا لوجه الله، وبين من يستخدم الوطن ماكرا لبلوغ غاياته وحده دون سواه ، ويقينا كذلك فان شعبا طيبا قوامه خمسة ملايين انسان هم جميعا مجبولون من رحم المعاناة والصعب والخطب وقسوة الظروف ، قادر فعلا على انجاب مواكب محترمة من رجال الدولة المخلصين المؤهلين لاصلاح الشأن والنهوض بالوطن ومجابهة التحديات والخروج منها بنصر مؤزر على كل صعب وكل خطب مهما كان ، وافتداء الوطن وتعظيم دوره في الوفاء لقضايا الامة والانسانية على حد سواء .

اللهم مالك الملك احفظ الاردن من كل سوء ، اللهم احفظ وحدة شعبه وانصره على اعدائه اعداء الحقيقة والدين ، اللهم خذهم اخذ عزيز مقتدر ، اللهم دمر صفهم وشتت شملهم رحمة باطفال الاردن وشيوخه ونسائه وشبابه وتاريخه ووجوده ودوره ومكانته ،، اللهم انك تعلم وانت خير من يعلم ، ان الاردنيين ومن كل المشارب والاطياف اناس بسطاء ، طاهرون طيبون ، فارأف بهم وارحمهم وخلصهم من كل المارقين والفاسدين وكلل مسيرتهم وسيرتهم بالرحمة والسمو والعفة والنزاهة والنصر على كل شر و شرير ، ولا حول ولا قوة الا بالله وهو من وراء القصد.

She_abubakar@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :