كلما دخلنا في نقاش او خصومة فكرية وسياسية مع بعض الاطراف او الكتاب او المثقفين او السياسيين الذين يصفون انفسهم بالاعتدال او يصفهم آخرون ممن يصفون انفسهم في الدوائر الامريكية بانهم معسكر الاعتدال العالمي.. غالبا ما يتشنجون ويتوترون ويحولون النقاش الى حلبة صراخ ويقولون بصوت مرتفع: كفوا عن اتهام الآخرين بالتطبيع او اللزوجة او اللدانة او الرخاوة السياسية بل والخيانة احيانا.. ويضيفون هم انفسهم: كفوا ايضا عن منح صكوك الغفران وشهادات الوطنية.. الخ.
وبعد.. فان اكثر ما نرفضه هو عقلية الفتاوى والمشانق الفكرية والسياسية ومصادرة الرأي الآخر ايا كان هذا الرأي بشرط واحد, فقط, هو ان يكون رأيا آخر وليس موقفا برسم البيع والتأجير, بل انني شخصيا ذهبت ابعد من ذلك مما ازعج كثيرا من الاصدقاء حين قلت لو اعتقد احد ما بان التعايش مع العدو الصهيوني فكرة مقبولة انطلاقا من رأي شخصي لاحترمت هذا الرأي, ولكن ما يحدث في هذا البعد مثلا ان الذين يدعون للتعايش مع العدو غالبا ما ينطلقون من اعتبارين: انعدام وزن سياسي وفكري, في احسن الاحوال, وموقف مأجور غالبا.. فالكيان الصهيوني, ابتداءً ليس آخر, بل عدو لا يحتمل معادلة »الصراع والتعايش« بل يستدعي التعاطي معه حالة واحدة هي حالة التناقض التناحري والحسم التاريخي..
وقد اخترت هذا المثال لابين الخلفية العامة لحوارات وخصومات سياسية وفكرية تجري كل يوم ازاء قضايا عديدة لا تتعلق بالعدو وظلاله وتجلياته وامتداداته وتحالفاته ورجالاته وقنواته واختراقاته لكل شيء في المحيط العربي: من المثقفين والاعلاميين الى الاقتصاد والسياحة وحوار الاديان وبقية الخزعبلات.. وهو ما يعني اننا لسنا من يعطي او يحجب شهادات الوطنية انما يكاد المريب ان يقول خذوني..0
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net