كل شيء في بلادنا له مواسم إلا الحبّ ليس له موسم ، وليس له معياد ، وكلمّا نبتَ فارس ولد معه عاشق وشاعر ، وفاضت القصائد على حد السيوف، وبين أهداب الصبايا ماتت آلآف الكلمات البكر .
في بلادنا يا بنت الحبّ يحصد أخضرا ، ولا ينتظرونه حتى يستوي ، يقطفونه في أول إشتعاله ، ويموت في مهده قبل إفتضاح سرّه ، لكنهم لا يدركون أن وجع العشق يسكن العيون وتفضحه النظرات ، وربما لست بحاجة لقلبك يومها .
لذا ها أنا أعرض قلبي للبيع ، ربما يشتريه راعي في أعالي التلال يصنع منه "شبابة" لكثرة ثقوبه ، فأنا أنظر إليكِ من قلبي المثقوب ، كل أصابعك العشرة لا تكفِ لرتق الثقوب... !!!
تعالي يا بنت أبيعك قلبي ، فهو على ثلاثة شوارع ، وحيدا رغم إزدحام الطرق ، يطلّ على الوطن المثقل بالتعب ، فالقلوب يتعبها الحب والسجائر والخوف على وطن صار ليس لنا ، القلب الذي لم يرتجف في زمن البارود وصهيل الخيل والسيوف ، يرتجف اليوم خوفا من المجهول ، والخوف على الرزق والوظيفة.
أتذكرين أني قلتُ لكِ ذات نهار أن قلبي هو بوصلتي ، أعترفُ لكِ اليوم أنّي كذبتُ ولم يعد قلبي يقودني لشيء ، والجهات تعددتْ والشمس سرقوها في النهار ، وأصبح دليلنا ظلّ غيرنا .. نعم قلبي اليوم ليس بوصلة ولا طائرة أحوم بها البلاد ، صار قربة مخزوقة لا يصدر إلا معزوفة حزينة .
خذي نصيحتي ؛ هل تشترين قلبا نقيّا ، صادقا ، لا يعرف التلّون والنفاق ، لم يعشق إلّا واحدة في زمن الكثيرات ، ولم يحب إلا الوطن عندما تعددتْ الولاءات ، وفيّا للأصدقاء ، مكفولا ولا يخذله إلا الموت وكذب العاشقات .
قلبي يا بنت للبيع لمن يبحث عن التعب ، ولا يرضى بكذب الحكومات ، ولمن يحب القهوة والقصائد والجدائل وندى الصباح ، ولمن يعرف أن دربه وعرة وطويلة ، وتموت الأمنيات قبل إكتمالها .